يبدو أن المجلس النيابي أدرك أخيرا اقترابه من منعطف خطر، إثر استمرار الحكومة في أساليب "المماطلة" و"اللف والدوران" و"المراوغة"، إذ انتهت أكثر من نصف مدة فصله التشريعي الأول، من دون أن يلتمس فيه تعاونا جديا أو قدرا معقولا من التجاوب، ولم يتعد كل ذلك الحدود "الورقية"، والأطر الاستهلاكية، إذ تبدو الحكومة وكأنها تدفع باتجاه استهلاك المجلس لوقته من دون طائل من ورائها أو ورائه. ولعل ذلك ما تمخضت عنه "شرارة التحذير" التي كاد أن يحرق بها النائب عبدالنبي سلمان أجواء الجلسة النيابية أمس الأول، قبل أن تحترق أكثر صورة المجلس في أعين المواطنين وتتحول رمادا، ليس على الحكومة حينها إلا ذره هنا وهناك.
علما بأن التلويح بمخاطبة جلالة الملك بشأن عدم امكان التعاون مع الحكومة من شأنه أن يسير الأوضاع إلى منعطف خطر آخر، إذ انه ووفقا للدستور في حال رأى ثلثا أعضاء مجلس النواب عدم امكان التعاون مع الحكومة يحال الأمر إلى المجلس الوطني للنظر فيه، وإذا تم إقراره بغالبية ثلثي أعضائه يرفع إلى جلالة الملك للبت فيه، بإعفاء رئيس مجلس الوزراء وتعيين وزارة جديدة، أو بحل مجلس النواب.
إلا أنه يمكن التنويه بأن كلا الخيارين مستبعدان، لكون جوهر الأمر مستبعد أصلا أو من الصعب جدا ترجمته واقعا، وهو مخاطبة الملك، إذ يتطلب ذلك موافقة ثلثي النواب، ومن ثم موافقة غالبية ثلثي أعضاء المجلس الوطني. وهو أمر قد لا يوجد أساس قوي لتحريكه، إذ عادة ما تطير الطلقات النيابية، كما حدث في عدة قضايا منها الاستجوابات مثلا، وتظل الأماني والآمال راكدة في محلها
العدد 895 - الأربعاء 16 فبراير 2005م الموافق 07 محرم 1426هـ