إن اللهجة القاسية التي تتبعها الولايات المتحدة في وصف كل من النظام الإيراني والكوري الشمالي تكشف الصعوبة التي تواجهها واشنطن في إيجاد حلول ملموسة للقضيتين.
وتعتقد واشنطن يقينا أنه في كلا الملفين لا يمكنها تفادي الخطر النووي إلا من خلال تغييرات في النظامين ولكن في الواقع لا توجد عمليا أية استراتيجية حقيقية لتحقيق الأهداف الأميركية. وهذا الاستنتاج مستوحى من خلال تأكيد الإدارة الأميركية مرارا أنها تفضل الحل السلمي لدرء الخطر المزعوم قبل التفكير في أي خيار عسكري.
لكن التكتيكات الميدانية تختلف بصورة كبيرة عما تقوله أميركا. فنجد أن هناك تجسسا مباشرا على طهران وحديثا عن خطة سرية واستعدادات لغزوها، بينما هناك رفض أميركي لإجراء محادثات ثنائية بين واشنطن وبيونغ يانغ.
وإذا تمعنا في التصريحات الأخيرة التي أطلقتها وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس بأن الملف النووي الإيراني "ملح وعاجل" متذرعة بحجة "أن إيران عبر دعمها للجماعات الإرهابية تهدد مباشرة مساعي السلام في الشرق الأوسط" لوجدنا أنها ترمي من وراء ذلك للحفاظ على التفوق العسكري الإسرائيلي في المنطقة.
وبينما تعتبر فرص قلب النظام الحديدي الكوري ضئيلة فإن الوضع مختلف بالنسبة لإيران، إذ يبدو أن المسئولين الأميركيين يعلقون آمالا على إمكان حدوث انتفاضة شعبية. وأعتقد أنه يجري الآن تقييم حقيقي للترسانة العسكرية في كلا البلدين من خلال المعلومات المتوافرة لوكالة "سي اي ايه"، وخصوصا بعد أن عرفت واشنطن في حسابات ما بعد الحرب في العراق أن أي خطأ في التقديرات سيكلفها كثيرا. فربما كانت طهران صادقة في نواياها بأن برنامجها سلمي، وربما يكون النظام الإيراني من خلال تماسك جبهته الداخلية أقوى من الكوري الشمالي الذي تخشاه أميركا.
وهكذا فإن الكلمات القاسية تجاه النظامين لم تعكس سوى القيود التي تلجم القوة العظمى، التي أصبحت من دون حيلة سوى اللجوء إلى تحويل الملف الإيراني إلى مجلس الأمن وفرض عقوبات عجاف على طهران، بينما الوصول إلى صفقة ما مع بيونغ يانغ
إقرأ أيضا لـ "عزوز مقدم"العدد 895 - الأربعاء 16 فبراير 2005م الموافق 07 محرم 1426هـ