العدد 895 - الأربعاء 16 فبراير 2005م الموافق 07 محرم 1426هـ

أولويات أميركية

وليد نويهض walid.noueihed [at] alwasatnews.com

كاتب ومفكر عربي لبناني

المنطقة العربية - الإسلامية أو ما يسمى بدائرة "الشرق الأوسط الكبير" تمر الآن بمرحلة خلط للأوراق. فالولايات المتحدة في فترة بدء الولاية الثانية للرئيس جورج بوش تعيد النظر في الأولويات فهي تحاول ترتيب علاقاتها مع الاتحاد الأوروبي لمنع تكرار التصادم السياسي الذي نشب في فترة الاستعداد للحرب على العراق. كذلك تريد تنظيم سياستها مع الاتحاد الروسي بعد اتساع الهوة السياسية بين موسكو وواشنطن وخصوصا حين اقتحمت أميركا منطقة آسيا الوسطى ودول بحر قزوين وصولا إلى جورجيا وأوكرانيا.

مرحلة خلط الأوراق إذا تحتاج إلى تحسين العلاقات مع أوروبا وروسيا وهي بالتالي تتطلب موافقة أوروبية ومرونة روسية على أولويات البرنامج الأميركي الجديد في منطقة "الشرق الأوسط الكبير".

البرنامج كما يبدو من التصريحات المتتالية والمتلازمة يضع إيران على رأس جدول الاهتمامات الاميركية في الفترة المقبلة، وهذا ما يمكن قراءة ملامحه من تلك التحركات الدبلوماسية التي باشرتها وزيرة الخارجية الأميركية وما اعقبها من تصريحات أطلقها وزير الدفاع الأميركي.

كوندليزا رايس تعتبر أن إيران هي "الخطر الأكبر". ودونالد رامسفيلد دعا الدول الأوروبية إلى التعاون مع واشنطن لمكافحة الإرهاب. وبرأيه أن "دولة واحدة" لا تستطيع القيام بهذه المهمة. فالولايات المتحدة إذا تريد توسيع جبهتها السياسية من خلال توريط الاتحاد الأوروبي في مهمات خاصة. وحتى تتوصل إدارة البيت الأبيض إلى إنتاج صفقة دولية تخدم خطتها المقبلة لابد لها من تقديم تنازلات تساعد على عقد تسويات تذلل العقبات الأوروبية وتستوعب بعض مظاهر الممانعة التي تبديها موسكو احيانا.

التصريحات الأخيرة التي صدرت عن المسئولين الروس في الأسابيع الماضية تشير كلها إلى انزعاج موسكو من تلك الهجمات السياسية على قيادة الكرملين وتحديدا تلك الملاحظات السلبية التي اطلقتها رايس خلال اجتماعها مع وزير الخارجية الروسي في انقرة. رايس تعاطت مع الوزير الروسي وكأنه يمثل دولة صغيرة من العالم الثالث حين اعطته بعض الدروس في الاخلاق الديمقراطية. والوزير الروسي لم يرد عليها أو على الأقل لم يبذل جهده في وضع حد لمواعظها. وهذا يدل على سياسة مرتكبة في قراءة الاستراتيجية الأميركية المقبلة.

الرد الروسي جاء لاحقا ومتأخرا حين أشار وزير الخارجية إلى وجود منظمات أجنبية في روسيا تعمل على زعزعة استقرار الدولة وإثارة الفوضى السياسية تحت شعار الديمقراطية ومسميات الشفافية وحقوق الإنسان وغيرها. وترافق الرد مع تصريحات أطلقها رئيس الحكومة الروسي السابق "بريما كوف" توقعت قيام الولايات المتحدة بتنفيذ هجمات عسكرية مركزة على مواقع نووية إيرانية.

بريما كوف تحدث عن سيناريو حرب ضد إيران يختلف عن ذاك الذي نفذته واشنطن على العراق "الحرب البرية" واكتفى بالإشارة إلى مخاوف من حصول حرب جوية "قصف بالطائرات والصواريخ". وجاء تحذير بريما كوف في وقت ارتفعت فيه حدة الخلاف بين الجانبين الإيراني والأوروبي "الترويكا" بشأن البرنامج النووي وتهديد وزير الخارجية الألماني بنقل الملف إلى مجلس الأمن.

حتى الآن يعتبر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الصامت الأكبر في تحديد موقفه من المعادلة الجديدة التي تخطط أميركا لتركيب خريطتها السياسية في منطقة "الشرق الأوسط الكبير". فالرئيس بوتين أبدى مرارا ملاحظات سلبية على إدارة البيت الأبيض واتهمها في تصريحات مختلفة بممارسة الدكتاتورية والتدخل في الشئون الداخلية للدول. الا ان الرئيس بوتين الذي تحرك كثيرا على الجبهتين الآسيوية "الصين والهند" والأوروبية "فرنسا والمانيا" وكسر الجمود في العلاقة مع سورية لايزال يتحرك ضمن خطوات محسوبة بدقة فهو متخوف من الهجمات الأميركية ولكنه يرى أن موسكو ليست جاهزة للتصدي لها.

المسألة إذا تحتاج إلى وقت، وكما يلاحظ أن خطوات واشنطن متسرعة وتريد أجوبة عاجلة من أوروبا وروسيا قبل أن تصوغ افكارها وقراراتها بينما في المقابل يلاحظ أن الترويكا الأوروبية مترددة وموسكو متخوفة من رعونة البيت الأبيض وتسرعه في تسخين الملف الإيراني.

المسألة إذا مسألة وقت والأمور جارية بين سياسة التقويض "عزل وتفكيك المنظومات الاقليمية العربية والإسلامية" وسياسة الإصلاح المخادعة. وكل ذلك يحتاج في النهاية إلى مراقبة لما ستسفر عنه تلك اللقاءات المبرمجة في الشهر الجاري بين بوش وشيراك وبوش وبوتين. وفي ضوء تلك الحركة الدبلوماسية يمكن رصد اتجاهات الرياح الأميركية في المنطقة

إقرأ أيضا لـ "وليد نويهض"

العدد 895 - الأربعاء 16 فبراير 2005م الموافق 07 محرم 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً