تضيف عملية اغتيال رئيس الوزراء اللبناني السابق والمليونير رفيق الحريري صفحة سوداء جديدة في التاريخ السياسي العربي وتفتح صفحة مأسوية أخرى على المستوى اللبناني. وطبعا تضيع حقيقة من يقف وراء هذه العملية القذرة في دفاتر النسيان بسبب تشابك الخيوط وتداخل الكثير من التفاصيل التي تعج بها الساحة اللبنانية الحبلى دائما بالمفاجآت لحسابات تخرج في بعض الأحيان من الدائرة المحلية.
عملية اغتيال الحريري تحتمل الكثير من التفسيرات والتأويلات وخصوصا أن لبنان وجارتها سورية تواجهان في الآونة الأخيرة خطر التدخل الدولي بحجة الوجود السوري العسكري في لبنان وتداعيات تمديد رئاسة الرئيس اللبناني أميل لحود عقب تعديل الدستور. ومهما كانت النتائج فالخاسر الأكبر هو لبنان والشعب اللبناني والأمة العربية بشكل أشمل.
المعارضة اللبنانية التي تعيش حال احتقان مع الحكومة استغلت جريمة الاغتيال وأصدرت بشكل متعجل بيانا حملت فيه المسئولية للسلطة والحكومة السورية، بل وطالبت باستقالة الحكومة ودعت لإضراب عام لمدة ثلاثة أيام وطالبت بتحقيق دولي.
نعم يحق للمعارضة اللبنانية أن تفعل أكثر من ذلك وتعبر عن سخطها للوضع العام الذي أدى ويؤدي إلى حدوث مثل هذه المآسي والجرائم. لكن لابد من التريث في مثل هذه الظروف لتفويت الفرصة على من يتربص بلبنان وسورية والأمة العربية ويجب على كل القوى اللبنانية أن تكون في مستوى المسئولية والوطنية حتى لا تعطي مبررات التدخل وجر لبنان لمعترك أكبر من تحمله وفوق طاقاته وكفانا ما حدث أبان الحرب الأهلية.
الأعداء كثر والثغرات أكثر وعليه لابد من اليقظة والحكمة حتى لا يسقط أكثر من حريري بنار الغدر والخيانة والعمالة ولنترك الفرصة للعقل والمنطق حتى نتجاوز المحنة ونحن أكثر قوة وصلابة ولنسد الباب أمام من يسعى لجر لبنان إلى الهاوية لإضعاف جسد الأمة
إقرأ أيضا لـ "ابراهيم خالد"العدد 894 - الثلثاء 15 فبراير 2005م الموافق 06 محرم 1426هـ