قد تبدو "الظواهر الصوتية" والشخوص "الشعاراتية" في أحيان عدة أهون من "الكراسي الصامتة" التي لا تنبس ببنت شفة، وذلك في مشهد متدرج قد تبدو معه "صورة اللسان" في أحيان أخرى أكثر أهمية من اللسان نفسه. وفي ظل استمرار تيه الدائرة بين القول والفعل والكم والكيف، تضيع حسابات وموازين كثيرة. حسابات متسلسلة قد لا يلام على بعضها بالضرورة أصحاب كراسي التشريع، إذ هناك يد للحكومة وأخرى لأحزابها في السلطة التشريعية تحول دون تحقيق بعض المآرب سواء كانت شعبية أو غيرها.
عدد من أعضاء مجلسي النواب والشورى، وخصوصا في "الشورى" - إذ عدد الكراسي الصامتة فيه أكثر- لم يألفوا أن تنطق أو تنطق أفواههم في جلسات مجالسهم، وهناك "والله" من لم ينطق بأية كلمة منذ بداية دور الانعقاد الثالث للفصل التشريعي الأول، أي لمدة تصل إلى نحو أربعة أشهر. ويظل حاله في واد، وحال مجلسه في واد آخر، ولا ينتبه - إن كان تيقظ حينها - إلا لحين الدعوة إلى التصويت، ليتخذ قرارا بالرفض أو الموافقة من دون أدنى علم أو دراية بالموضوع، الأمر الذي يميت في عنقه أمانة التصويت، إذ قد يضيف رقما إلى القائمة يقلب وضعا أو يصلح به آخر. يأتي ذلك في وقت يحرص فيه بعض الأعضاء على الظهور كوجوه اقتصادية بارزة، في وقت يغيبون فيه كوجوه برلمانية، ويشكلون أصفارا في مجالسهم من ناحية القول والفعل.
أحد الأعضاء النيابيين يقول إنه "مع الوقت وقلة إثمار العمل أصبح "شغلنا الحجي"، أي مجرد الكلام والكلام، وذلك ليس عيبا، فالمهم أن يصل هذا الكلام إلى الناس، مع استناده إلى ضوء بسيط لأمل قد يجد معه بعض الكلام سبيلا لترجمته واقعا"
العدد 893 - الإثنين 14 فبراير 2005م الموافق 05 محرم 1426هـ