القرار الذي اصدره مجلس الوزراء أمس الأول بشأن منع أعمال الدفن في خليج توبلي كان من المفترض ان يصدر منذ زمن طويل وليس عندما وصل الخليج الى مرحلة لا يمكن السكوت عليها في ردمه بتلك الصورة العبثية المثيرة للشفقة.

فكل من زار منطقة خليج توبلي يلمس التغيير والتخريب الذي حصل من جراء الردم العشوائي الذي طمس ملامح هذا الخليج "المسكين".

فهو بحق خليج "مسكين" كحال نخلتنا وآثارنا في البحرين التي هي الاخرى وصلت الى مرحلة تريد من ينقذها ويصدها بالقانون وذلك عبر تفعيله لا عبر إطلاقه كمادة وشعار يردد بين وقت وآخر.

إن الحديث عن تحديد خط الدفن البحري في خليج توبلي يوضح أنه مازال هناك ردم لم يكتمل، بل ولم تشبع جيوب البعض حتى مع وجود رقابة لضبط المخالفات! ولا تدري اذا كانت هناك آلية مستقلة تراقب التنفيذ، لانه كان لدينا قانون لحماية هذا الخليج ولم يطبق منه حرف واحد.

لذلك لاتتوقف حماية هذا الخليج عند اصدار قانون او توجيه، فالحماية لابد ان تكون مجموعة من الجهود المشتركة بين الجانبين الحكومي والأهلي، بل وعلينا ان نعي جميعا أن البيئة وعناصرها المختلفة هي ملك للجميع ومن يسعى إلى تدميرها يسعى أيضا إلى تدمير نفسه. فانعكاساتها السلبية ستظهر بمرور الوقت على ارضنا وعلى اجسادنا الكبيرة والصغيرة دون فرق.

ببساطة ما نملكه اليوم هو بيئة متهالكة تصارع المرض الذي اقترفته يد البعض... فمن يخالف لا يهمه العيش في بيئة متهالكة... فهو يفكر في جيبه اولا قبل ان يفكر في الآخرين.

وأذكر في يوم من الايام سالني احد الأوروبيين المقيمين في البحرين منذ سنوات طويلة وهو عاشق لأرض البحرين وبحرها... لماذا يحدث ذلك في البحرين مشيرا الى خليج توبلي؟ فذكرت له الأسباب الا أنه علق قائلا: "لو كان خليج توبلي في مكان آخر من العالم لأصبح مقصدا سياحيا وترفيهيا يرتاده المواطنون والمقيمون". وأضاف "البحرين في الستينات وحتى في مطلع السبعينات لم تكن بهذه الصورة أبدا... فكل من وطأت قدماه هذه الجزيرة وقع في عشقها لا شعوريا... أما اليوم فانني كباقي ابناء البحرين اتحسر على تلك الايام التي لن تحظى اجيالكم المقبلة برؤيتها".

ونكرر لن تبقى سوى جدران اسمنتية ومناطق سكنية مبعثرة هنا وهناك دون تنظيم او ادنى تنسيق