العدد 892 - الأحد 13 فبراير 2005م الموافق 04 محرم 1426هـ

"الإصلاح من الداخل في الوطن العربي"

محمد العثمان Mohd.Alothman [at] alwasatnews.com

مذ متى بدأت قصة الإصلاح في الوطن العربي؟ أم نحن أمة أدمنت الحديث عن المستقبل وصامت عن العمل من أجله! لعل من المناسب أن نتذكر تصريحات بوش الصغير وطرحه لمشروع الشرق الأوسط "الكبير" المأخوذ من مشروع الشرق الأوسط "الجديد" كتاب بيريز. والذي بموازاته أعلنت الدول العربية رفضها التام للإصلاح الذي يأتي من الخارج.

إلا أن الأنظمة العربية لم تطرح بديلا لهذا الخارج! ولم تقل إن الإصلاح مطلوب ولكن بشرط كيت وكيت؛ بل شنت حملات التخوين على المطالبين بالإصلاح، متبجحة بالخصوصية "وما اتعسها من خصوصية" فأية خصوصية تلك التي تجعل منا أمة لا تحرر أرضها ولا تملك قرارها ولا تحترم إنسانية مواطنيها؟ وانتكس بوش الديمقراطي جدا "في قمة الثماني الأخيرة يونيو 2004" وراح يبجل ويحترم هذه "الخصوصية" والتي تعتبر أداة تكريس وضع الخنوع والخضوع التام لإملاءات البيت الأبيض.

يلخص د. شوكات مواقف القوى السياسية والاجتماعية العربية من دعاوى الإصلاح بقوله: انقسمت إلى ثلاثة تيارات، الأول: يرفض الإصلاح من الخارج ولكنه لم يطرح أي بديل. الثاني: يرى إن الإصلاح ضرورة لمواجهة التحديات والأزمات في الوطن العربي. الثالث: انهمك في طرح مفاهيم وأفكار وأسس ومبادئ للإصلاح المطلوب.

ولم يقل لنا أحد كيف؟ ومتى؟ وما هي آليات هذا الإصلاح؟ لا أحد يعلم! إننا نفتقد لمعالم طريق الإصلاح المنشود، وهنا مكمن الخطر بالنسبة لمستقبل الأمة العربية.

رئيس نادي القضاة المستشار يحي الرفاعي قال في لقاء مع صحيفة الوفد: يئسنا من طلب الإصلاح من الداخل، وعشرات السنين مضت ونحن محكومون بقانون الطوارئ والدكتاتورية الساحقة، وكل شيء أصبح يسير حسب هوى الحزب الحاكم بصورة لم يسبق لها مثيل في تاريخ الأمم.

وإنني أعتقد بصحة ما ذهب إليه المستشار الرفاعي، وإن العبرة في الاصلاح في حد ذاته... ولا يعنينا من أين أتى، من الداخل/ من الباب، أم من الخارج/ من الشباك... وطبعا فإنني لست مع الرأي القائل إن الإصلاح من الخارج هو مؤامرة برجوازية تقف وراءها أميركا الإمبريالية.

إن الأنظمة القائمة ما كان لها أن تعترف بوجود خلل في سياساتها "على مختلف الأصعدة" فإنها ولسنوات كثيرة ومديدة تقول إن انجازاتها التنموية والاقتصادية هي أقصى ما يتمناه الإنسان العربي، فكيف لها أن تعترف بضرورة الإصلاح؟! إن الاعتراف هو مجرد حلم يراود القوى السياسية والاجتماعية ليس إلا؛ يبدده واقع الناس ومنطق الأشياء وحقائق التاريخ.

فأي إصلاح من الداخل هذا الذي يتحدث عنه الأخوة... هل من إصلاح في ظل انفراد رأس النظام العربي بكامل الصلاحيات التشريعية والتنفيذية؟ هل من إصلاح في ظل استبدال قوانين أمن الدولة بقوانين تقيد وتكبل حرية العمل السياسي الحزبي؟ أي إصلاح في ظل قضاء خاضع للسلطة التنفيذية؟ هل من إصلاح في ظل ملاحقة الأقلام الصحافية ومقاضاتها؟

والنتيجة، فإن أي إصلاح لابد لقيامه من إرادة سياسية إصلاحية، أدوات إصلاحية وأناس مصلحون. جيع هذه المكونات غير موجودة في ظل الأنظمة الحالية. فعن أي إصلاح نتحدث؟ وأي إصلاح يرتجى! فإلى الله المشتكى!

أما والحال هكذا، فكيف يمكن ان ينبع الإصلاح من الداخل؟ وعلى ذلك، فإن استبداد وقمع الأنظمة لشعوبها وانتهاكها لكرامة وحقوق الإنسان في دولها تمنح الفرصة لتدخل الآخرين في شئوننا الداخلية

إقرأ أيضا لـ "محمد العثمان"

العدد 892 - الأحد 13 فبراير 2005م الموافق 04 محرم 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً