العدد 892 - الأحد 13 فبراير 2005م الموافق 04 محرم 1426هـ

الاستفتاء على الميثاق والسير نحو المملكة الدستورية

عبدالنبي العكري comments [at] alwasatnews.com

ناشط حقوقي

في يومي 14 و15 فبراير/ شباط 2001 جرى حدث فريد في تاريخ البحرين الحديث. لقد ذهبت الغالبية العظمى ممن يحق لهم التصويت من المواطنين رجالا ونساء ممن بلغوا أو تزيد أعمارهم عن 21 عاما إلى صناديق الاقتراع "97 في المئة" وصوتت غالبيتهم العظمى "98,4 في المئة" "بنعم" لميثاق العمل الوطني.

ولأول مرة يحدث مثل هذا التوافق بين الشعب البحريني والحكم، فهل استغلت الفرصة السانحة وجرى الاستفادة منها، والبناء عليها لاقامة مملكة دستورية حقة كما ينص على ذلك الميثاق، وكما أكد حاكم البحرين الملك حمد بن عيسى آل خليفة؟

كان الضغط الشعبي كاسحا على الحكم والمعارضة. وكلنا يعرف تأكيدات كبار المسئولين "الأمير "آنذاك"، ولي العهد، وزير العدل" بأن دستور 1973 سيكون هو الأساس - وكما أكد ولي العهد في لقائه مع جمعية المحامين بعد الاستفتاء - أن إعلان المملكة المتوقع بل إجراء الانتخابات يحتاج إلى فترة انتقالية لا تقل عن اربع سنوات سيجري خلالها إقامة مؤسسات الدولة الدستورية واصدار التشريعات المطلوبة وإعداد الحياة السياسية لذلك.

لسنا بحاجة إلى استعادة الشريط للحوادث الذي يشبه في بعض منعطفاته فيلما هوليووديا مشوقا، مثل إعلان قيام المملكة وصدور دستور 2002 وقبل ذلك صدور 56 قانون في عام 2002 بواسطة مجلس الوزراء قبل ان ينعقد البرلمان في أكتوبر / تشرين الاول من ذلك العام، والحديث عن "الانشغال بالسياسة" لا "الاشتغال" بها وغيرها، فالكل يعرف ذلك والمسئولون قبل غيرهم يعرفون أن معظم ما جرى ادى الي ان يرى البعض ان الوعود لمم تتحقق كما تصور كثير من ابناء الشعب.

اليوم وبعد مرور أربعة أعوام على الاستفتاء وعلى الميثاق وثلاثة اعوام على إعلان مملكة البحرين ودستور ،2002 فإن هناك حاجة إلى المراجعة سواء من قبل الحكم أو قوى الموالاة أو قوى المعارضة.

المعارضة اجتهدت وعقدت المؤتمر الدستوري الثاني ودعت اليه جميع الجمعيات السياسية والاهلية والكثير من الشخصيات، وكان بإمكان الموالين ومن ينتقدون المعارضة أن يحضروا ويواجهوا المعارضة وينتقدوها. كما كان بامكان الحكم أن يرسل من يمثله ليجادل المعارضة في عقر دارها.

ولكن ماذا حدث؟ مرة أخرى يتصرف الحكم وكأن وجود المعارضة مقبول كرها لمجرد استكمال الصورة وليست شيئا مرغوبا، يجب رعايته وإعطاؤه فرصة متساوية لفرصة الموالين، حتى تكون المعارضة ركيزة أساسية في بنية الدولة الديمقراطية أي المملكة الدستورية.

قوى الموالاة تصرفت بطريقة "ملكيين أكثر من الملك". فما ان اعلنت المعارضة موقفها بعد رفض الديوان الملكي العريضة الشعبية الدستورية، وذلك بالمضي قدما في عقد المؤتمر الدستوري الثاني ومناطق الانتخابات القادمة مادامت الامور على ما هي حتى انبرى قادة الجمعيات الموالية ونواب وشوريون في هجوم ضار على المعارضة. لقد اتهموها بالتطرف، والخروج من اللعبة السياسية وتهديد المشروع الاصلاحي برمته. ولعبت صحف الموالاة دورا بائسا كبوق وليس أداة محايدة موضوعية لنشر مختلف الافكار والمواقف وتنوير الرأي العام.

الاحتفال بالمناسبة بدأ على الطريقة التقليدية... زينات وأهازيج في الإذاعة والتلفزيون وتبريكات وكل شيء جميل وكل شيء ممتاز. ويبقى السؤال: هل نسير مثلا نحو تأسيس مملكة دستورية كما جاء تصورها في الميثاق؟

سيقول البعض إن ذلك سيستغرق وقتا طويلا وإن الطريق اليه متعرجة وهناك تراجعات في مشروع الاصلاح ولكن المسيرة تتقدم بشكل عام. ولكن؛ هل أرسينا الاساس الصحيح الذي يمكن أن نبني عليه المملكة الدستورية المأمولة؟ وهل انطلقنا من المكان الصحيح على طريق الاصلاح؟

المعارضة تقول إن ذلك ليس صحيحا وحتى كبار المنافحين من وزراء واعضاء مجلس شورى وبرلمان ومنظري النظام، يعترفون في الاحاديث الخاصة أن الوضع ليس صحيحا، لكنهم يقولون العكس في العلن.

من الواضح انه يمكن للحكم أن يعيش على رصيد ما انجزه من تهدئة للأوضاع وهو ما أدى إلى الاستقرار السياسي. وسمو ولي العهد قال في ندوة مجلس التنمية الاقتصادية في 23 سبتمبر/ أيلول الماضي إنه لا يود "أن يمر قطار الانتعاش الاقتصادي من دون أن يستفيد منه المواطن". ولكن كيف يتحقق ذلك ولدى الدولة ترسانة من القوانين لإسكات المواطنين ونحن في بلد ديمقراطي؟

ان البعض، وبدلا من ان يمثل الشعب، راح يشارك في "الغرف" من أموال الشعب، وجماعات الموالاة تحصل على الامتيازات والمنافع المتبادلة.

إننا بحاجة إلى أن نسير قدما باتجاه دولة المؤسسات والقانون والاعراف الديمقراطية، فبعض الناس، ومن فرط يأسهم من مجلس النواب والحكومة، يلجأون إلى القصر في وفود متلاحقة يشكون بؤسهم، ليحصلوا ولو على بعض حقهم وكلمات تطيب خاطرهم. أما الوعود الحكومية عن السكن والبطالة والفقر وحماية البيئة فقد أدرك المواطنون أنها أضغاث أحلام ولا بأس من جرعات تسلية.

هل يملك الجميع "الحكم والموالون والمعارضة" الاعتراف بهذا الواقع الذي لا يعني سوى تسويف إدارة الازمة وليس حلها؟ هل نملك الشجاعة لمواجهة النفس؟ هل يبادر الحكم إلى دعوة ممثلي الدولة والمجتمع إلى طاولة حوار على شاكلة لجنة صوغ الميثاق، واجراء حوار وطني صادق معزز بالحقائق والوقائع لتعزيز المسيرة؟

إقرأ أيضا لـ "عبدالنبي العكري"

العدد 892 - الأحد 13 فبراير 2005م الموافق 04 محرم 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً