لكأن المغيب تلاشى. .. لكأن الغياب الذي ظل مزمنا في الناس ولى بعد ملحمة الحضور المقيم... حضور يطلق للشهادة عنان توغلها في مسارب الأمكنة السرية والمعتمة والمحاطة بالأسلاك الشائكة. أبا للوقت كل الوقت صرت... وقت الذين صودرت قيموماتهم... وفخخوا بالوصايات... أبا للأمكنة الباحثة عن قبلتها الحرة من الأوثان وأرجاس البشر... أبا للصوت الحر الذي لا يلجأ لتقية الهمس... أبا لمعاني تكاد تضمحل وتندثر في دنيا الناس.
أرنو ببصري نحو جهتك ... وكلك جهات... لها من الشمال عذوبته ومن الجنوب عينة تقصي المحرومين من حقهم في الهواء... ومن الشرق أمل في يوم يطل لإعمار النفس قبل الأشياء... ومن الغرب صوت يخترق الأفق مدلا على ما يحيي الناس من موتهم المقيم.
كل سكنة في النفس هي بعض من سكينتك في لجة الذبح وارتفاع النقع... وحمحمة الخيول وصليل السيوف المجدبة والمتعطشة للثأر من جنان الفضيلة... كل رفة عين تتقصى سيرتك لها في النظر اختلاف... وفي المعاينة فحص... وفي الدنو التحام... وفي النجوى كلام يستعصي على أمم من الثرثرة!.
هبات النحر
طاولت من ذاك التراب سحابا
ومضيت والنجم استحال ترابا
وعرجت حتى كدت تبلغ سدرة
وسريت تمعن في الظلام خرابا
وغدى الصعيد المشرئب بما جرى
في الطف "آية" قبلة و"كتابا"
وأبيك لم تأفل بأرضك شمسها
يوما ولم تلغ "الجحور" هضابا
وأبيك يكفي النحر فيض هباته
في الناس فيما هم غدوا أسلابا
إقرأ أيضا لـ "جعفر الجمري"العدد 891 - السبت 12 فبراير 2005م الموافق 03 محرم 1426هـ