قال المستشار القانوني بطاهر بوجلال، في محاضرة ألقاها في ورشة تدريب الإعلاميين في مجال حقوق الإنسان أخيرا في فندق اليت بالجفير: "لا توجد أية وثيقة دولية خاصة بحماية الصحافيين"، داعيا جميع الإعلاميين إلى "مطالبة المجتمع الدولي بصوغ اتفاق دولي خاص بهم"، جاء ذلك في ورشة نظمها المعهد العربي لحقوق الإنسان، بالتنسيق مع الجمعية البحرينية لحقوق الإنسان.
وبين بوجلال "أن المادة "19" من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية قد كفلت حقوقهم في التعبير، إلا ان المادة "20" من العهد ذاته قد قيدت هذا الحق بطريقة أو بأخرى". وتنص المادة "19" من العهد على أنه:
1- لكل إنسان حق في اعتناق آراء دون مضايقة.
2- لكل إنسان حق في حرية التعبير. ويشمل هذا الحق حريته في التماس مختلف ضروب المعلومات والأفكار وتلقيها ونقلها إلى آخرين دونما اعتبار للحدود، سواء على شكل مكتوب أو مطبوع أو في قالب فني أو بأية وسيلة أخرى يختارها.
3- تستتبع ممارسة الحقوق المنصوص عليها في الفقرة 2 من هذه المادة واجبات ومسئوليات خاصة. وعلى ذلك يجوز إخضاعها لبعض القيود ولكن شريطة أن تكون محددة بنص القانون وأن تكون ضرورية:
"أ" لاحترام حقوق الآخرين أو سمعتهم.
"ب" لحماية الأمن القومي أو النظام العام أو الصحة العامة أو الآداب العامة.
وتنص المادة "20" على أنه:
1- تحظر بالقانون أية دعاية للحرب.
2- تحظر بالقانون أية دعوة إلى الكراهية القومية أو العنصرية أو الدينية تشكل تحريضا على التمييز أو العداوة أو العنف.
وقد بين بوجلال ان "حق حرية التعبير ليس من الحقوق غير القابلة للتصرف"، ويعنى بالحقوق غير القابلة للتصرف هي الحقوق ذات الأهمية الكبرى، ولا يجوز للدولة تحت أية حجة أو ظرف ان تلغيها، وتتضمن الحق في الحياة، منع التعذيب، التحرر من العبودية، وعدم تطبيق القوانين الجزائية بأثر رجعي.
ونوه إلى ان "الاتفاقات الدولية تصنف الصحافيين، إما كمدنيين يعاملون كما يعامل المدني تماما، وإما مراسلين عسكريين، يعاملون كما يعامل العسكري".
وتحدث بوجلال عن معلومات أساسية في مجال حقوق الإنسان لابد أن يتقنها الصحافيون، منوها إلى انه يجد كوارث فيما يكتبه الصحافيين، إذ "لا يوجد لدى غالبيتهم إلمام بما يكتبون، ويقعون في أخطاء كبيرة نتيجة لذلك".
تطرق بوجلال إلى أهم ما نص عليه العهدين الدوليين "العهد الدولي الخاص بالحقوق السياسية والمدنية، والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاجتماعية والاقتصادية"، وشرح مصطلحات حقوقية، وعرج على المحاكم الدولية، وعلى الآليات التعاهدية وغير التعاهدية للاتفاقات الدولية المنبثقة من الأمم المتحدة.
العهدان الدوليان
بين أن الحقوق التي نص عليها العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية تتلخص في "الحقوق والحريات الفردية، والحريات الفكرية، والضمانات القضائية، والحقوق العالمية، والحقوق السياسية"، أما العهد الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية فيكفل "حق العمل والحماية من البطالة، وحق تشكيل النقابات، والضمان الاجتماعي، والأسرة وتحسين أوضاعها، الصحة، التعليم، والمشاركة في الحياة الثقافية".
مصطلحات حقوقية
بين ان "الاتفاق والمعاهدة والعهد والميثاق، كلها مصطلحات تصب في معنى واحد أي كلها تعبر عن نص قانوني ملزم". وأوضح أن مصطلح البروتوكول يعني"نصا قانونيا ملزما، ويأتي البروتوكول لإضافة بنود أو لتعديل بنود معينة على معاهدة أو اتفاق معين". والإعلان عبارة عن "توصية صادرة عن الجمعية العامة للأمم المتحدة وهو نص دولي ولكنه غير ملزم ولا يخضع لا للتصديق ولا التوقيع، وهو نص يحمل المبادئ الكبيرة الأهمية ولها قيمة معنوية كبيرة".
وتوقيع اتفاق يعني "عندما يصدر اتفاق ما، فان الدول توقع هذا الاتفاق لإثبات حسن النوايا فقط وليست له صفة إلزامية".
والتصديق يعني "انه بعدما توقع الدولة اتفاقا ما، فإنها تصدق عليه لتكون ملزمة به بعد ذلك"، والانضمام يعني "ان الدولة أحيانا لا تشارك في النقاشات الأولية للاتفاق ولا توقعه، بل تنضم إليه مباشرة من دون توقيع، وله صفة إلزامية، أي ان الانضمام يأتي من دون توقيع، بينما التصديق هو الذي يأتي بعد التوقيع".
المحاكم الدولية
أشار إلى وجود ثلاث محاكم، وهي المحاكم الجنائية المؤقتة، و تعني "ان مجلس الأمن ينشئ محاكم جنائية لتنظر في انتهاك معين في بلد معين، وتنشا هذه المحاكم للقضايا المؤقتة وتنتهي صلاحياتها بانتهاء عملها، ذلك لأن ترك الجناة بلا عقاب يؤثر على السلم والأمن الدوليين"، وذكر ان "مجلس الأمن مسيس لذلك يشكل محاكم لبعض الدول ولا يشكل للبعض الآخر، فمثلا شكل هذا النوع من المحاكم لرواندا ويوغسلافيا، ولم يشكله لدول أخرى".
والمحكمة الثانية هي المحكمة الجنائية الدولية، مشيرا إلى ان "المحكمة تأسست وفقا لاتفاق روما العام 1998 ودخلت حيز التنفيذ أخيرا على رغم عدم موافقة الولايات المتحدة عليها، وعلى أساسها وقعت اتفاقات ثنائية مع الدول الفقيرة لكي لا توقع عليها، لاسيما ان هذه المحكمة من صلاحياتها محاكمة الجنود المنتهكين لحقوق الإنسان".
والنوع الثالث هو محكمة العدل الدولية، منوها إلى ان "هذا النوع من المحاكم لمحاكمة الدول وليس الأفراد وذلك لفض النزاعات بين الدول".
وسألت احدى الحاضرات عن إمكان محاكمة الرئيس العراقي السابق صدام حسين عبر هذه المحاكم فأجاب "هناك أربع طرق لمحاكمة صدام، فإما عن طريق مجلس الأمن بتشكيله محكمة جنائية وهذا الحل رفضته أميركا، وإما محاكمته عبر المحكمة الجنائية الدولية، وهذا الخيار مستبعد لكون العراق والولايات المتحدة لم توقعا اتفاق روما، أما محاكمة صدام داخليا أمام القضاء العراقي فلن يكون هذا النوع عادلا، او ان تنشأ محكمة وطنية دولية مكونة من قضاة دوليين وعراقيين ولكن حتى هذا الطرح استبعد".
آليات تطبيق الاتفاقات الدولية
ذكر بوجلال أثناء شرحه ان آليات تطبيق الاتفاقات تنقسم إلى قسمين، "آليات تعاهدية وآليات غير تعاهدية، ويقصد بالآليات التعاهدية، الآليات المنبثقة من الاتفاقات الدولية التي صدقت أو انضمت لها الدولة، إذ ان لهذه الاتفاقات لجان، وغالبية اللجان لها 18 خبيرا، وتقوم هذه اللجان بدراسة التقارير المقدمة من قبل الحكومة والجهات الموازية، وتقوم بإصدار التعليقات، وتلقي الشكاوى الحكومية أي الصادرة من دولة طرف ضد دولة طرف أخرى، والنظر في الشكاوى الواردة من الأفراد، ولكن اللجنة لا تقبل شكاوى الأفراد والدول ضدها إلا إذا كانت معترفة "بالاختصاص" أي معترفة بالبند الذي يسمح برفع الشكاوى ضد الدولة في الاتفاق ولم تتحفظ عليه".
وأضاف "أما الآليات غير التعاهدية، فيلجا إليها عندما تكون الدولة متحفظة على البند الذي يسمح برفع الشكاوى عليها أي عندما تكون غير معترفة بالاختصاص، ومن هذه الآليات "إجراء 1503 للحالات الواسعة الانتشار كالتعذيب في بلد قمعي مثلا"، وإجراء "1235 للحالات محدودة الانتشار كاعتقال صحافي في بلد نادرا ما يعتقل فيه" ولهذين الاجراءين لجنة من حقوق الإنسان التي لها مقررون خاصون، فهناك مقرر مثلا للتعبير ومقرر للتعذيب من الممكن أن يرفع الأفراد إليهم الشكاوى حتى لو لم تعترف الدولة بالاختصاص، فمثلا من الممكن أن يرفع ضحايا التعذيب شكوى ضد الحكومة استنادا إلى إجراء ،1503 بشرط أن تكون قد استنفدت قضاياهم في القضاء المحلي"
العدد 890 - الجمعة 11 فبراير 2005م الموافق 02 محرم 1426هـ