يتميز موسم عاشوراء بحركة دائبة، ويعيش المجتمع في البحرين حالا من الاستنفار الكبير، فيتغير برنامج الناس اليومي لما يدخل عليه من مستجدات، أولها حضور المجالس والاستماع إلى المحاضرات التي تغطي الجوانب العقائدية والتاريخية والاجتماعية، فيما يشبه التجدد السنوي للنفوس والأرواح. ويكون ميدانها الرئيس 1122 مأتما للنساء والرجال.
هذه الحيوية العالية التي تميز العشر الأوائل من محرم كل عام في البحرين، ما هي إلا انعكاس لحيوية الذكرى التاريخية، بما يتجلى في هذه الانشطة والفعاليات الغنية، فنيا وتشكيليا ومسرحيا وإبداعيا، حتى شهدت السنوات الأخيرة انتاج برامج وأفلام ومسرحيات ومعارض فنية... حتى الرسم أصبح اليوم أليفا للجمهور وقريبا من قلبه، بعد أن كان أسير صالات العرض الرسمية.
وسط هذه الحركة، ينظر المرء فيرى "ورشة عمل" ضخمة، يشارك فيها الخطاطون والرسامون والممثلون والتقنيون والكتاب والشعراء... في حال من الحركية العجيبة. وتتساءل: ما الذي يحرك كل هؤلاء "المتطوعين" لينفقوا من أموالهم وجهدهم وأوقاتهم، دون مقابل أو انتظار كلمة شكر واحدة، في زمن باتت مساحة العمل للغير تضيق أكثر وأكثر ويقل أنصارها.
عندما تلتفت وتتذكر ما يواجهه العمل التطوعي العام من مصاعب، وانحسار الإقبال عليه، وبالخصوص من قطاع الشباب، تتمنى لو تستمر هذه الروح تضخ طوال العام في عروق الناس، حبا للعطاء والتضحية ببعض الوقت وبذل بعض الجهد من أجل إعانة الشرائح الفقيرة والمحتاجة في المجتمع.
وسط هذه الورشة الكبيرة تتمنى ألا تقتصر على فترة عشرة أيام فقط، بل تمتد على امتداد العام، فما قامت كربلاء إلا من أجل عزة ورفعة الإنسان، وإصلاح الأوضاع الظالمة التي كانت تكتنف المجتمع حينذاك.
مباركة هذه الأعمال، ومباركة الروح التي تدفعها، ولكن... حبذا لو تحول بعض هذا الاهتمام، وخصوصا لدى الشباب، نحو العمل في المؤسسات الأهلية كالصناديق الخيرية، لكي تستمر روح عاشوراء في العطاء
إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"العدد 889 - الخميس 10 فبراير 2005م الموافق 01 محرم 1426هـ