بالإشارة إلى ما نشر في صحيفة "الوسط" في عددها رقم "881" الصادر يوم الخميس، 3 فبراير/ شباط الجاري بشأن مطالبة رئيس لجنة المرافق العامة والبيئة رئيس كتلة المستقلين في مجلس النواب النائب عبدالعزيز الموسى وزارة العمل بالقيام "بدورها الفاعل، والحقيقي لمعاهد التدريب المنتشرة في المملكة وذلك بهدف رفع مستوى مخرجاتها بما يخدم سوق العمل"، وضرورة "اقتران تصريحات مسئولي الوزارة بهذا الشأن مع خطوات واقعية ملموسة للوزارة"، نوافيكم بالتعليق الآتي: بداية نتقدم إلى النائب عبدالعزيز الموسى بجزيل الشكر على ما أبداه من اهتمام بقطاع التدريب في مملكة البحرين وتأكيده ضرورة العمل على مراقبة جودة أداء مراكز التدريب العاملة في المملكة، لما لذلك من أهمية كبيرة في تنمية القوى العاملة الوطنية بما يتناسب واحتياجات سوق العمل. وإننا إذ نتفق مع النائب في أن ضعف التأهيل الكافي وضعف مستوى التدريب الذي تقدمه بعض المعاهد ومراكز التدريب في البحرين هو من بين الأسباب التي تبطئ من اندفاع عملية توظيف الباحثين عن عمل، نود تأكيد عدد من الأمور، هي:
أولا: إن وزارة العمل ملتزمة التزاما كاملا بمراقبة جودة التدريب الذي تقدمه جميع مراكز التدريب في البحرين. وسعيا من الوزارة إلى تحقيق هذه الرقابة شرعت قبل عامين تقريبا في صوغ مشروع التفتيش على المعاهد ومراكز التدريب ووضعت الخطط الكفيلة بتحقيق النتائج المرجوة من هذا المشروع الذي لن يكون بأي حال من الأحوال مشروعا وقتيا وإنما هو أحد المشروعات المستمرة التي تتبناها الوزارة وتعتبرها ركيزة أساسية في عملها وفي خططها لإصلاح الأعطاب القائمة في سوق العمل البحرينية، انطلاقا من دورها الأساسي منظما لسوق العمل. ومن هذا المنطلق حرصت الوزارة ضمن هذا المشروع على الاستعانة بإحدى المؤسسات البريطانية المتخصصة في تقييم مراكز وبرامج التدريب وهي "Learning Inspectorate - ALI Adults" والتي تتمتع بباع طويل وخبرة عريقة في هذا المجال إضافة إلى سمعتها الدولية في أعمال الرقابة والتفتيش على المعاهد. واشتمل الاتفاق مع هذه الشركة المتخصصة على محورين أساسيين، هما: القيام بعمليات التفتيش والرقابة الأولية وفق الأسس العلمية والعملية المعتمدة، وتدريب عدد من موظفي وزارة العمل البحرينيين للقيام بهذا العمل بعد انقضاء مدة العقد مع الشركة، وذلك بصورة متوازية بحيث يشترك الموظفون الذين تم تعيينهم للقيام بهذا العمل في جميع مراحل العمل بدئا بوضع ومراجعة المعايير وانتهاء بصوغ التقارير ومتابعة التنفيذ.
وبدأ العمل وفق هذا الاتفاق فعلا إذ قامت وزارة العمل بمشاركة الـ ALI بالتفتيش على سبعة من مراكز التدريب النشطة والكبيرة خلال العام الماضي "2004"، كما تجري الآن ترتيباتها للتفتيش على أربعة مراكز أخرى خلال الأسابيع القليلة المقبلة.
وينبني التفتيش على المعاهد على عدد من المعايير تغطي الجوانب الآتية:
1- كفاءة الإدارة العليا والمتوسطة والمباشرة في المؤسسة.
2- البيئة التعليمية من مبان وتجهيزات وفصول وما إلى ذلك.
3- الكوادر التدريبية ومؤهلات المدربين.
4- جودة المادة التدريبية ومدى توافقها مع المعايير المهنية.
5- الأمور الإجرائية المتعلقة بالاختبارات ومستويات المؤهلات وغير ذلك.
ويقوم فريق التفتيش فور الانتهاء من كل زيارة تفتيشية بإعداد تقارير مفصلة عن كل الجزئيات المتعلقة بما ذكر أعلاه، متضمنة تفاصيل المخالفات "إن وجدت" وآليات التصحيح المطلوبة والمدد الزمنية الممنوحة لإجراء تلك التصحيحات، إذ يقوم الفريق بعد تسليم مركز التدريب النسخة النهائية من التقرير بزيارات متابعة للتحقق من مدى التزام المركز بما ورد في التقرير.
ثانيا: فيما يتعلق بـ "تعرف المعاهد على احتياجات سوق العمل ومتطلباتها والاطلاع على مدى المهارات التي يحتاج إليها الإنتاج وماهية معطيات الجودة المستهدفة في سوق يكون البقاء فيها والاستمرار لأفضل المنتجات وأحسن الأداء"، فإنه ينبغي تأكيد أن الوزارة لا تتدخل في السياسات الخاصة بالمعاهد ومراكز التدريب في تحديدها احتياجات سوق العمل، وإنما تترك هذا الأمر لإدارات تلك المراكز، إذ انه - كما أشارت عبارة النائب - أمر يرتبط بمدى قدرة المؤسسة على المنافسة والبقاء الذي لن يكون في أي حال من الأحوال إلا لتلك المؤسسات التي تتمكن فعلا من التحديد الدقيق لاحتياجات التدريب وتوفر البرامج الكفيلة بإشباع تلك الاحتياجات بصورة فاعلة وبجودة عالية. وترى الوزارة أن تدخلها في تحديد تلك الاحتياجات لمراكز التدريب هو تدخل في غير مكانه إذ ان تلك المراكز في نهاية المطاف هي مؤسسات ربحية تسعى إلى إثبات وجودها في الساحة المحلية وربما تجاوزت طموحات بعضها المحيطين الإقليمي والدولي.
ثالثا: أشار الموسى في تصريحه إلى أن "تحرك وزارة العمل تجاه معاهد التدريب والتعليم الذي أعلن حديثا لم يكن جديدا وسبق لهذه الوزارة أن أصدرت التصريحات ذاتها في صيف العام 2002 وبالمضمون التحذيري نفسه، وقالت حينها انها ستمضي قدما في تقييم مستويات المعاهد المعنية وتنزل بالضعيفة التي لا ترتقي بمستوياتها وتوفر المدرسين المتفرغين للتدريب العقاب بحسب تراخيصها. لكننا لم نسمع شيئا عن هذا الموضوع إلا في الأيام القليلة الماضية التي أعادت فيها ما أعلنته سابقا"، معربا - بحسب الصحيفة - عن "أمله في أن يقترن قول الوزارة هذه المرة بالفعل الواقعي الملموس وأن تقدم النتائج الإيجابية بالخطوات التي اتخذتها الوزارة". وإننا إذ نتفق مع النائب على أن هذه التصريحات ليست جديدة، فاننا نختلف مع ما ذهب إليه من أن هذه التصريحات ما هي إلا تكرار لا جديد فيه، ذلك أن التصريحات الأخيرة ما هي إلا امتداد طبيعي للعمل الذي كان بدأ في العام 2002 والذي اشتملت المرحلة الأولى منه على إعداد خطط العمل وتدريب الموظفين المعنيين داخل البحرين وخارجها قبل الشروع في العمل الفعلي، وذلك لضمان جودة عملية الرقابة وفاعليتها. هذا من جهة، أما من الجهة الأخرى، فإن الوزارة لا تهدف من وراء هذا العمل إلى إغلاق المعاهد ومراكز التدريب وإنما إلى تحسين أدائها وجودة مخرجاتها، لذلك فإن ما تعلنه من تصريحات تحذيرية إنما يأتي ضمن إطار التوعية وتوجيه المعاهد إلى المبادرة بتصحيح أوضاعها لكي تتمكن من تقديم التدريب ذي الجودة العالية بما يحقق التنمية الحقيقية للموارد البشرية الوطنية. ومن هذا المنطلق، فإننا نؤكد أن الوزارة قامت فعلا بترجمة تلك التصريحات إلى واقع ملموس وليس كما أشار النائب إلى أنها تقول ما لا تفعل.
رابعا: ضمن إطار الجهود المبذولة من وزارة العمل لضمان جودة التدريب المقدم من قبل هذه المراكز والمعاهد بدأت الوزارة فعلا منذ العام 2003 تطبيق نظام المناقصات على جميع الدورات التدريبية التي تقدمها إلى الباحثين عن عمل وفق نظام متكامل للمناقصات يتوافق توافقا تاما مع نظام المناقصات العامة المعمول به في المملكة الذي يشرف على تطبيقه مجلس المناقصات، علما بأن هذا النظام يأخذ في الحسبان جودة المادة التدريبية ومدى تلبيتها لاحتياجات التدريب والكادر التعليمي والتدريبي الذي ينفذ تلك البرامج والشهادة التي تمنحها المراكز المشاركة في المناقصة إلى جانب الكلفة. ويشار إلى أن الوزارة ملتزمة منذ أن بدأت تطبيق هذا النظام الذي يشمل حتى مراكز التدريب التابعة إلى الوزارة كمعهد البحرين للتدريب الذي خضع لعمليات التفتيش والرقابة ضمن أول مجموعة قام بها فريق التفتيش، بما ورد في نظام المناقصات في المملكة، إذ تقوم الوزارة بفتح جميع المناقصات أمام ممثلين من المراكز المشاركة في المناقصة، وتقوم بإحالة أية مناقصة تتجاوز عشرة آلاف دينار إلى مجلس المناقصات الذي يتولى عملية الإشراف عليها.
خامسا: إن وزارة العمل بالتعاون والتنسيق المباشر مع وزارة التربية والتعليم قامت من خلال المجلس الأعلى للتدريب المهني بتكليف فريق عمل من الاختصاصيين من القطاعين العام والخاص صوغ مشروع متكامل للتعليم والتدريب المهني يقوم على أساس وضع إطار وطني موحد للمؤهلات المهنية وفق معايير مهنية يشترك في وضعها أصحاب الأعمال والعمال والمختصون في مؤسسات الدولة. وحظي هذا المشروع الذي تم صوغه بعد دراسة تجارب عدد من الدول المتقدمة في هذا المجال كان من بينها سنغافورة، ألمانيا الاتحادية، كوريا الجنوبية وايرلندا وغيرها من الدول بالإشادة من قبل خبراء منظمة العمل الدولية التي تبنت هذا المشروع تحت مظلة "العمل اللائق" الذي اختيرت له البحرين من بين ثماني دول حول العالم، كما حظي بالدعم والإشادة من قبل غرفة تجارة وصناعة البحرين والاتحاد العام لنقابات عمال البحرين. وفرغت الوزارتان أخيرا من مراجعة التقرير النهائي للمشروع الذي يأخذ مجراه حاليا في القنوات الرسمية، إذ سترفع مذكرة مشتركة من الوزيرين إلى مجلس الوزراء، ومن ثم إلى المجلس الوطني.
هذا وتؤكد الوزارة مدى حرصها على الرقي بمستوى وجودة التدريب في المملكة بصفته أحد الركائز الأساسية للتنمية البشرية وأحد الحلول الأولية لمعالجة الخلل القائم في سوق العمل، والذي تعتبر البطالة أحد نتائجه، شاكرين مرة أخرى النائب وصحيفة "الوسط" على اهتمامها بهذا الموضوع
إقرأ أيضا لـ "وزارة العمل"العدد 888 - الأربعاء 09 فبراير 2005م الموافق 29 ذي الحجة 1425هـ