العدد 888 - الأربعاء 09 فبراير 2005م الموافق 29 ذي الحجة 1425هـ

عاشوراء... بداية متجددة

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

وهكذا يعود عاشوراء البحرين مجددا العهد مع صاحب الذكرى الإمام الحسين "ع"، ومجددا لمسيرة حافلة بالعبر والدروس عبر التاريخ.

الاحتفال بموسم عاشوراء بدأ - كما تذكر كتب التاريخ - في بغداد نحو العام 962م عندما كان البويهيون "آل بويه" يسيطرون على الدولة العباسية. والبويهيون كانوا من أتباع المذهب الشيعي، وهناك اختلاف فيما إذا كانوا من "الاثني عشرية" أو "الزيدية". ولكن ما هو مشهود لهم هو أن بغداد انتعشت في عهدهم على مستوى التعدد الفكري والمذهبي "لجميع المذاهب السنية والشيعية ولجميع المدارس الفلسفية آنذاك"، وتطور بين ظهرانيهم عدد من المدارس التي أثرت كثيرا في حياة المسلمين. ففي هذا العهد بدأ الاحتفال الجماهيري بعاشوراء، وفي هذا العهد ظهر العالم السني "الأشعري" أبوبكر الباقلاني، الذي تحاور معه كبير علماء الشيعة الاثني عشرية آنذاك الشيخ المفيد "الذي عاش بين 948 و1022م". والشيخ المفيد كان يلقب أيضا بـ "ابن المعلم"، والمعلم المقصود هو الفيلسوف الاغريقي أرسطو. المفيد يمثل جسرا بين العلماء الذين كانوا يعتمدون على الأحاديث والأخبار وبين العلماء الذين كانوا يعتمدون الرأي والعقل. وقيل انه لقب بالمفيد لأنه كان يفيد الناس بأفكاره، ومن أهم تلامذته الأخوان الشريف الرضي "الذي جمع خطب الإمام علي "ع" وأطلق عليها اسم "نهج البلاغة""، والشريف المرتضى... في عهد هؤلاء العلماء ظهرت أولى الاحتفالات الجماهيرية بموسم عاشوراء، وفي عهدهم بدأت مراسم جديدة استمرت حتى عصرنا.

التاريخ يذكر أن الاحتفالات الاولى في بغداد شهدت إغلاق الأسواق في يوم العاشر من المحرم ونصب خيام شبيهة بخيام الحسين في كربلاء وتمثيل ما وقع للإمام الحسين وأهل بيته وأصحابه واستحضار الواقعة لتذكير الناس بتفاصيلها وظروفها.

استمرت الاحتفالات في بغداد بعد انتهاء عهد البويهيين في منتصف القرن الحادي عشر الميلادي، كما انتشرت واستمرت في إقليم البحرين "الذي كان يشمل تاريخيا الاحساء والقطيف وأوال وعددا من المناطق الأخرى المحيطة بها".

ثم حدثت تطورات أخرى لمواسم عاشوراء في مطلع القرن السادس عشر الميلادي عندما تسلم الصفويون حكم إيران العام 1501م واتخذت الدولة الايرانية حينها من المذهب الشيعي نهجا رسميا للحكم، وتطورت بسبب ذلك أساليب الاحتفالات وانواع الرسومات المعتمدة على الرايات والاعلام التي ترفع في المناسبة بالاضافة للموسيقى الحزينة، وأصبح كل ذلك جزءا من مراسم الدولة الايرانية والمجتمع الايراني.

بعد ذلك حدثت تطورات في احتفالات الأماكن المقدسة في العراق في القرن التاسع عشر. وكان عدد من هذه الأماكن المقدسة من دون سلطة دينية أو دنيوية واضحة لسنوات طويلة، ما سهل دخول بعض أساليب العزاء إلى الأوساط الشيعية حتى أصبحت جزءا من مراسم عاشوراء، بما في ذلك تجريح الجسم، وهو موضوع مختلف عليه ولم يستطع الفقهاء حسم أمرهم تجاهه أو تنفيذ ما يصدرونه من فتاوى بشأنه بشكل فاعل.

مراسم الاحتفال في البحرين عكست ما يجري في المدن المقدسة في العراق أو في إيران بشكل رئيسي، ولكن خلال السنوات الأربع الماضية بدأت تظهر بعض الإبداعات البحرينية، مثل المسرح الشعبي، المرسم الحسيني، التبرع بالدم، معارض الصور، وإدخال تقنية المعلومات بشكل متطور، بحيث يتمكن المرء من متابعة مراسم الاحتفالات في عدد من البلدان في آن واحد من خلال الربط الإلكتروني، وهو ما يمكن اعتباره تدشينا مبدعا لـنوع آخر من الاحتفالات التي يمكن تسميتها بـ "عاشوراء الإلكترونية"، أو "e-Ashora".

أملنا كبير بأن تكون المساهمة البحرينية رائدة في مجال يمكننا من أن نخدم مبادئ ثورة الإمام الحسين "ع" بصورة مشرفة تتناسب والقرن الحادي والعشرين، تماما كما هي حال التطويرات البحرينية المذكورة أعلاه

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 888 - الأربعاء 09 فبراير 2005م الموافق 29 ذي الحجة 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً