بهذا الشعار تقيم جمعيات التحالف الرباعي صباح غد "الخميس" مؤتمرها الثاني لمناقشة الإشكال الدستوري، وبهذه المناسبة فإنه بالإمكان تسليط الضوء على إقامة هذه الفعالية بحد ذاتها، ومن ثم النظر في جدواها وحجم فائدتها للقوى السياسية التي تقيمها مقارنة بما تمخض عنه المؤتمر الأول الذي عقد في فبراير/ شباط ،2004 وما صاحبه من تداعيات داخل النظام السياسي البحريني.
في البداية فإن المؤتمر الدستوري الثاني يعقد وسط ظروف إقليمية تختلف تماما عما كانت عليه في العام الماضي، ففي الفترة نفسها من ذلك العام لم تكن هناك أدوار واضحة للقوى السياسية العراقية، ولم تجر انتخابات للهيئة الوطنية لإعداد الدستور، ولم تشهد كل من السعودية والكويت تحديات أمنية كبيرة تمثلت في تصاعد الهجمات الإرهابية كما هو عليه الحال هذه الأيام. كما لم تبد واشنطن اهتماما لافتا بالمسألة النووية الإيرانية وتطلق سلسلة من التصريحات حول ضرورات التغيير السياسي في طهران مثل ما تقوم به حاليا.
بالإضافة إلى ذلك فإن الأوضاع السياسية الداخلية في البحرين أصبحت أكثر وضوحا من ذي قبل، بشأن تحدد طبيعة الدور الذي من الممكن أن تضطلع به السلطة التشريعية مع بروز محددات عملية الإصلاح السياسي. وهو ما خلق حالا من التحفظ الشعبي إزاء أدوار هذه السلطة، وأصبحت متطرفة في بعض الأحايين إلى درجة انعدام الثقة في القدرة على تحقيق الإصلاح والديمقراطية بسبب عدم جدواها.
وجميع الظروف والأوضاع السابقة ستؤثر كثيرا - سلبا أو إيجابا - في قدرة التحالف الرباعي على تحقيق مكاسب تتعلق بالتعديلات الدستورية التي يسعى إليها. ويمكن النظر في إرهاصات هذا التأثير من خلال تزايد الحديث عن تغير نهج المقاطعة لدى بعض النخب داخل التحالف الرباعي، ومن أبرز العوامل المؤثرة في هذا الصدد، حماس نخب وقواعد جمعية الوفاق الوطني الإسلامية لنجاح الانتخابات العراقية مع فوز الشيعة هناك وسيطرتهم على الهيئة المكلفة بإعداد الدستور، واعتراف قيادات أخرى من جمعية العمل الوطني الديمقراطي بالخطأ الاستراتيجي في اتخاذ قرار مقاطعة الانتخابات.
عودة لانعقاد المؤتمر الدستوري بحد ذاته، فلقد أثبتت النقاشات التي دارت خلال المؤتمر الأول وأوراق العمل التي قدمت فيه الحاجة الماسة لإعادة تقييم الموقف من المشاركة، وليس مناقشة ما جاء في دستور ،1973 أو استعراض صلاحيات مؤسسة الملك في الممالك الدستورية فجميعها أمور معروفة ويمكن بسهولة الاطلاع عليها. إلا أن حاجة التحالف الرباعي تظهر في ضرورة اتباع آليات وأساليب جديدة في التعاطي مع المشكل الدستوري التي هي أهم بكثير من مناقشة قضايا معروفة سلفا، وإقامة فعالية لن تحقق مكاسب إضافية للتحالف بل ستخلق له هالة إعلامية مؤقتة سيزول تأثيرها بعد فترة يسيرة. وأكبر مثال على ذلك رصد الإنجازات التي حققها التحالف الرباعي خلال عام منذ انعقاد المؤتمر الأول، فمشروع العريضة الشعبية فشل بعد أن أصبحت عريضة لأعضاء الجمعيات، وفي النهاية بعد توقيع عشرات الآلاف عليها قوبلت بالرفض ولم تحقق أدنى مطالبها، وضاعت جميع الجهود التي بذلتها قيادات وقواعد التحالف الرباعي.
في ضوء هذا كله فإنه من الأهمية بمكان أن يراجع التحالف الرباعي نفسه في مسألة إقامة المؤتمر الدستوري سنويا ليقوم بتغييره إلى مؤتمر عام لبحث كيفية خلق التوافق من أجل تعديل الدستور بما يتوافق ومطالب الجمعيات السياسية ومصلحة الوطن، على أن يكون ذلك باجتماع جميع القوى والأطراف السياسية دون اتباع نهج الإقصاء الذي اتبعته الجمعيات الأربع في هيئة التحالف السداسي
العدد 887 - الثلثاء 08 فبراير 2005م الموافق 28 ذي الحجة 1425هـ