العدد 887 - الثلثاء 08 فبراير 2005م الموافق 28 ذي الحجة 1425هـ

العراقي يرقص فرحا لأن بوش لن ينسحب!

واصلت الصحف الأميركية الحديث عن الانتخابات العراقية وتداعياتها في العراق والمنطقة كما اهتمت بتصريحات وزير الدفاع دونالد رامسفيلد الأخيرة التي كشف خلالها انه قدم استقالته مرتين إلى الرئيس على خلفية فضيحة أبوغريب ولكن بوش رفضهما. وهنا مقالات "فرحة" بالإنجاز الذي تم في العراق، لكن الجميع بدا مهموما بمشكلة "السنة" العراقيين الذي قاطعوا الانتخابات فانهالت النصائح بالجملة لاستيعاب هذه الأقلية وليس "محاربتها" خوفا من اشتعال "حرب أهلية"، وإذ دعت إحدى التعليقات إلى إقامة "كونفدرالية" في العراق لحل المشكلة، أكد أحدهم ان "الـ 58 مليون أميركي الذين صوتوا لبوش لم يفعلوا ذلك من أجل استمرار الحرب في العراق". لكن هناك من تأكد له أن بوش لن يتأثر بضغوط الديمقراطيين وغيرهم للانسحاب من العراق وسينفذ وعوده كاملة "ولهذا السبب بالذات يطمئن العراقيون ويرقصون ابتهاجا"!

وعلق توماس فريدمان في "نيويورك تايمز"، على الانتخابات العراقية معبرا عن عظيم فرحته لنجاح عملية الاقتراع. وعزا في مستهل المقالة فرحه الكبير بالقول إن الخطر الأكبر في الشرق الأوسط والذي يهدد الولايات هو الجيل الصاعد الذي لا يستطيع أن يعبر عن رأيه بحرية. وأضاف ان الحل الأمثل يكمن في حرب أفكار يخوضها من وصفهم بالمسلمين التقدميين ضد المسلمين الرجعيين. ونظرا إلى ان الأميركيين غير قادرين على خوض هذه الحرب فإنهم يستطيعون التنسيق مع من وصفهم بـ "العناصر التقدمية" في العالم العربي، إذ يستطيع هؤلاء أن يخوضوا حربهم بأنفسهم، وهذا بالضبط ما يقوم به الأميركيون والبريطانيون في العراق، يوضح فريدمان. لكنه رأى ان الطريق في العراق مازالت طويلة ووعرة إذ يجب على أميركا أن تساعد العراقيين على بناء حكومة وفاق وطني وهذا أمر صعب. غير انه لاحظ ان الانتخابات لم ترض الإيرانيين، معتبرا انه من الخطأ الاعتقاد بأن الحكومة العراقية المنتخبة ستكون رهن إشارة رجال الدين الشيعة الإيرانيين. منتقدا في هذا السياق النظام في طهران ونافيا مزاعم القادة الإيرانيين بأنهم يعتمدون "الديمقراطية الإسلامية". ووصف أبومصعب الزرقاوي بأنه زعيم من شبههم بـ "الخمير الحمر" العراقيين، مشيرا إلى ان الانتخابات أظهرت ان الحرب في العراق هي حرب بين الشعب العراقي والمتمردين وليست حربا بين العراقيين وأميركا. وانتقد المعلق الأميركي أيضا الصحف الفرنسية والألمانية التي باتت تتبع سياسة قناة "الجزيرة".

ورجح غاري أندرسون في "واشنطن بوست" انه بعد الانتهاء من فرز الأصوات فإن غالبية أعضاء الجمعية المنتخبة لوضع الدستور العراقي ستكون من الشيعة مع تمثيل كردي كثيف. وأكد أندرسون، أن المشكلة الأساسية ستتمحور بشأن وضع السنة. وإذ توقع أن تزداد "حركة التمرد" السنية، أوضح ان هذه الحركة ليست مقاومة وطنية فعلية على رغم محاولات العالم العربي الحثيثة لتصويرها على هذا النحو. ورأى ان أمام الحكومة العراقية الجديدة مسلكين عليها أن تختار أحدهما. فإما أن تواجه التحدي السني فتتعامل معه على انه حرب أهلية فتسعى للقضاء على المتمردين بقوة السلاح. وهذا مسار فضل أندرسون الابتعاد عنه لأنه يقود العراق نحو الجحيم. أما المسلك الثاني وهو ما يحبذه وهو أن تعمل الحكومة الجديدة بسرعة على اجتذاب عناصر "حركة التمرد" السنية إليها فتتعامل معهم على أنهم شركاء في صوغ الدستور. لافتا إلى ان غالبيتهم من البعثيين من المستوى المتوسط أي ليسوا من المتشددين كما أنهم ليسوا من أتباع صدام حسين. ولاحظ شارلز كروتهامر في "واشنطن بوست" فرحة العراقيين خلال يوم الانتخابات إذ تمكن العراقيون من اختيار المرشحين بحرية مطلقة بعد نحو خمسين عاما من القمع تحت نظام الرئيس المخلوع صدام حسين. وفيما اعتبر ان الشعوب العربية والإسلامية في العالم الثالث لا تحارب لكي تنال الحرية بل للحصول على الغذاء، أشار إلى ان الشعب العراقي أثبت العكس في هذه الانتخابات إذ إنه تحدى خطر الموت والعمليات الانتحارية ليقترع ويرقص فرحا على رغم من تهديدات "المتمردين" بسفك دماء كل من يشارك في الانتخابات. وأشاد كروتهامر بالسياسة الأميركية في العراق، موضحا ان واشنطن تحاول أن تكسب عقول وقلوب العراقيين فيما "المتمردون" يحاولون تحطيم قلوب العراقيين وعقولهم.

ومن جانبها، دعت ليزلي جيلب في "نيويورك تايمز" إلى إقامة كونفدرالية في العراق تضم ثلاث مناطق شيعية وسنية وكردية. فرأت جيلب في المستهل انه من الضروري أن يشارك السنة في الحكم وإلا فستتواصل أعمال العنف وسيسقط المزيد من الضحايا الأبرياء. واعتبرت المعلقة الأميركية انه من الخطأ أن يسيطر الشيعة على الحكم على رغم انهم يشكلون الأكثرية. مشددة على ان الحكومة الأفضل هي التي تقوم على أساس كونفدرالية مكونة من ثلاث مناطق مستقلة إذ يستقر الأكراد في الشمال والسنة في الوسط والشيعة في الجنوب. وانتقدت جيلب الإدارة الأميركية التي لا تأخذ في الاعتبار ضرورة إقامة حكومة متوازنة تمثل جميع فئات الشعب العراقي وأهمية عدم السماح للشيعة بالسيطرة على الحكم، بل تركز على عدد الجنود العراقيين الذين تم تدريبهم في العراق فحسب.

ورجح سيمور هيرش في موقع "منظمة كاونتر بانش" على الإنترنت أن يكمل الرئيس بوش في ولايته الثانية الأمور نفسها التي كان يقوم بها في العراق خلال ولايته الأولى، وألا تؤثر فيه الخسائر البشرية التي سيتكبدها الأميركيون لأنه سيعتبر ان هذا هو الثمن الذي يجب تسديده من أجل وضع أميركا في المكان الذي يراه الرئيس مناسبا. لكنه رأى ان الـ 58 مليون أميركي الذين صوتوا لبوش لم يفعلوا ذلك من أجل استمرار الحرب، مؤكدا ان الأيام المقبلة ستجعل الأمر يبدو كذلك.

وعرض هيرش، عددا من الملاحظات بشأن الحرب على العراق كان أولها انتقاده لإطلاق مصطلح "متمردين" على القوى التي تحارب القوات الأميركية، فاعتبر ان مصطلح "تمرد" هو من بين أكثر المصطلحات تضليلا، مؤكدا ان ما يخوضه الأميركيون في العراق هو حرب خطط لها العراقيون مسبقا. وأوضح ان إطلاق هذا المصطلح يفترض بأن الأميركيين دخلوا إلى هذا البلد وانتصروا في الحرب ثم ظهرت مجموعة من المخربين وبدأت تشن العمليات ضدهم. غير انه أكد ان الواقع هو ان ما يواجهه الأميركيون في العراق ليس تمردا إذ إنهم يحاربون القوى والعناصر نفسها التي بدأت أميركا الحرب ضدها من الأساس أي البعثيين والقوميين، مشيرا إلى ان الأميركيين لم يسقطوا بغداد بسهولة لأنهم انتصروا بل لأن البعثيين قرروا الانسحاب من المدينة وتركها للأميركيين من أجل إدخال الولايات المتحدة في حرب خططوا لها مسبقا. وتابع هيرش مستعرضا ملاحظات أخرى مثل افتقاد الجيش الأميركي إلى نظام استخباراتي فاعل في العراق. كما انتقد غياب الإعلام الأميركي عن الساحة العراقية، فما من صحافيين في القاعدة الأميركية في الدوحة التي تنطلق منها معظم العمليات، وما من مراسلين على حاملة الطائرات "هاري ترومان" التي تشهد انطلاق جميع العمليات القتالية. واستنتج ان هذا الغياب الإعلامي يجعل الشعب الأميركي غير مدرك لما يدور في العراق ولا لحجم الهجمات التي ينفذها الجيش في هذا البلد

العدد 887 - الثلثاء 08 فبراير 2005م الموافق 28 ذي الحجة 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً