العدد 886 - الإثنين 07 فبراير 2005م الموافق 27 ذي الحجة 1425هـ

مظفر النواب... قصة ديوان شعر عراقي

كاليفورنيا - فالح الدراجي 

تحديث: 12 مايو 2017

قبل لحظات ليس أكثر، كان نهر العراق الثالث مظفر النواب، في مركز المزة الانتخابي في دمشق، يقف شامخا كالعراق أمام الجميع، وهو يحمل بيده بطاقته الانتخابية، ووضع علامة الترشيح في مربع قائمة اتحاد الشعب! هل هي مفاجأة؟! أنا أختلف وأتقاطع مع كل الأحبة والأصدقاء، الذين قالوا إن مشاركة "أبوعادل" في الانتخابات مفاجأة! يا إلهي أية مفاجأة هذه التي يقف فيها مظفر النواب، وهو العراقي حد النخاع مع عراقه، وأية مفاجأة تلك التي يمضي فيها معلم الوطنية مع تلاميذه لترديد النشيد الوطني، وأية مفاجأة في أن تحط الشمس الحمرة على البيوت الطيبة، وتقاسم الفقراء غبش صباحاتهم؟ نعم، فمظفر النواب معلمنا في درس الوطنية، والنضال، والموت حبا من أجل الوطن ولا عجب في ذلك وهو الذي تخرج من تحت جروحه آلاف المناضلين، إنه مظفر خريج مدارس "نكرة السلمان، وسجن الحلة ذو النفق المحفور من الظلمة الى النور، وهو ذاته صاحب قصة الهروب الطويل الى أيران في نكسة شباط، وهو الذي في سجله ثلاثة أحكام بالاعدام من محاكم الطغاة ، مظفر الهور، وآل أزيرج، وأغوار الأردن، وخنادق أرتيريا، وسواحل ظفار، مظفر الذي يشبه الحلم الذي يتمنى كل عراقي أن يمر عليه في منامه، فما بالك في صناديق الاقتراع؟ مظفر قصة نضال الشعب العراقي منذ صعود الشهيد فهد ورفيقيه على أعواد المشانق، الى الصمود الأسطوري للشهيد العظيم سلام عادل، الى موقف البطل التأريخي حسن السريع، الى فعل ضمد، الى مئات الآلاف من شهداء الحركة الوطنية، ويتعجب البعض من ذهاب هذا العراقي النظيف الى صناديق الاقتراع الديمقراطية؟ مظفر النواب قصة ديوان شعر عراقي بحجم الريل وحمد، بحجم تأريخ الشعر الشعبي العراقي الذي يبدأ من قبل الحاج زاير ولا ينتهي بعطاءات "أبوسرحان" وكاظم الركابي، وجمعة الحلفي، وعزيز السماوي، وكاظم الرويعي، وزامل سعيد فتاح، وفالح الطائي، ورياض النعماني، وكامل الركابي، وعريان السيد خلف، وعلي الشيباني، وكاظم غيلان وريسان الخزعلي، وكريم هداد، وعشرات الشعراء الذين أغنوا مساحة الشعر الشعبي بعطائهم الشعري العظيم، ومواقفهم النضالية الكبيرة، نعم لقد مضى مظفر النواب يمشي متكئا على سبعينيته، وهو يمد بصره نحو العراق الأخضر الجميل المقبل، مشى يتكئ على جروحه نحو صناديق المزة الانتخابية ومعه الشاعر الأروع رياض النعماني وفنان الشعب فؤاد سالم والمطرب سعدون جابر، ليضع إشارة الصح على قائمة الصح، قائمة اتحاد الشعب، وليعلن بشجاعة وأمام كل القنوات الفضائية، ووسائل الاعلام السورية، والفلسطينية، والعراقية والهندية، وكل وسائل الاعلام العالمية، إنحيازه الى قائمة النضال والشرف والشهداء، قائمة اتحاد الشعب! يقينا أنا سعيد وفرح، ليس لأن مظفر النواب أعطى صوته للقائمة التي استحقت صوته فحسب، أنما لأن مظفر النواب تخطى حزنه وجروحه ومرضه، ومضى مع العراقيين، ليشارك في انتخابات الشعب العراقي رغما على الأنوف التي وقفت ضد إرادة الشعب العراقي، لقد مضى أبوعادل الى صناديق الاقتراع ليؤكد أن "الخلاف لا يفسد للوطن قضية" أجل لقد مضى مظفر بكل أرثه الوطني وتأريخه النبيل، وبكل شاعريته، بل وبكل ثقله الوطني والابداعي العظيم، وأظن قد مشت معه الى صناديق الاقتراع كل قصائده العظيمة، بدءا من قصائد البنفسج، وجنح غنيدة وحسن الشموس، وريحان، والبراءة، الى كل قصائد الريل وحمد، وحتما قد مشى معه كل تأريخ السجون والشهداء والمنافي والجروح، ليؤكد في ذلك، أن الشعراء الشرفاء الذين هم من هذا النوع هم مع الشعب أبدا، أما الذين راحو مع أعداء الشعب، فمكانهم حتما في مزابل التأريخ، مهما كانوا يوما في صدارة التأريخ الشعري والوطني "والحر تكفيه الأشارة "! أقسم حين اتصلت بصديقي الشاعر المبدع رياض النعماني، وحين قال لي إن أبا عادل معي الآن ونحن الآن نصوت في مركز المزة الانتخابي، غمرني مطر الفرح، وبلل روحي العطشى بماء الياسمين، وقد زادني فرحا حين قال إن أبا عادل قال" سنصوت لاتحاد الشعب، لأنه اتحاد الشرف والشعر والشهداء والمستقبل"! فألف تحية لشاعر الجرح العراقي، والأمل العراقي، شاعر الثورة، والمستقبل، مظفر النواب، الشاعر الذي أثبت اليوم، أن الشاعر العظيم هو وطني عظيم، وهو انسان عظيم أيضا، تماما مثل نيرودا ولوركا، وكبار الشعراء العالميين الوطنيين الكبار، أما اولئك العراقيون الذين صفقوا اليوم بقوة في مركز المزة في دمشق لمظفر النواب، وهو يشارك في الانتخابات، فهم حتما صفقوا نيابة عني، وعن سبعة وعشرين مليون عراقي، تحية لشاعرنا ورمزنا العظيم مظفر النواب، وليمت الحاقدون في غيهم وحقدهم، وأنا أعرف اليوم أية فجيعة ستحل بهم في مشاركة النواب في هذه الانتخابات، فتحية للشعر، وليعش الشعراء الشرفاء جميعا، وليعش العراق، عراق الشعر والحب والحياة، وليعش مفخرتنا مظفر النواب وصحبه المبدعون





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً