كتب الأديب والشاعر الألماني العظيم غوتيه روايته الخالدة "آلام فرتر" وهو في سكرة من الغرام ملك عليه قلبه ولسانه، إذ أحب في فترة من سني عمره امرأة قروية كان قد لقيها أثناء ذهابه إلى منطقة. .. وفتن أكثر بها حين وجدها تحب الشعر وتعيش في عوالمه الساحرة.
كانت فتاة طيبة بسيطة استطاعت أن تجعل من غوتيه شاعرا عظيما. غير أن الشيء الغريب أن غوتيه وبعد أن يئس من حبه لها، إذ ارتبطت بشخص آخر، لقيها عندما أصبح وزيرا، فدخلت المرأة الأرملة عليه بعد ذلك العمر الطويل لتطلب منه إعفاء ابنها من رسوم معينة فقابلها بكل صلافة وردها خائبة وادعى أنه لا يعرفها، عندها خرجت المسكينة وهي تقول لو كنت رأيته أول مرة على حاله هذه لما أحببته.
ومع أن هذه الرواية كانت من نسج خيال غوتيه في الكثير من تفصيلاتها، فإنها وعند خروجها إلى القراء استطاعت أن تستحوذ على عقول الشبان والشابات، إلى الدرجة التي قام فيها بعضهم بالانتحار على غرار بطلها حين أطلق فرتر رصاصة من المسدس على رأسه في الغابة فمات. وذلك أمر دفع غوتيه لنشر توضيح في الصحف يطلب فيه من الشباب عدم تصديق كل ما ذكر في الرواية.
ولست أدري حقيقة سبب إقدام إنسان أخفق في قصة حب على الانتحار، ربما لشعور ذلك العاشق بأنه شخص غير مهم أو غير مقبول وإلا لاستطاع أن يستحوذ على قلب أنثى أحبها، وربما لإحساسه بأنه فقد شيئا كبيرا كان يعول عليه الكثير في مستقبل حياته وربما يكون الغرور هو السبب حين يشعر انه إنسان مختلف، فهو في حمى من الماديات حين تعلق بشيء أسمى، إذ من المعقول التفكير في أن خروج تلك المشاعر القوية المخبوءة في قلب الإنسان شيء يمكن تحقيق شيء كبير منه في ذات الإنسان
العدد 881 - الأربعاء 02 فبراير 2005م الموافق 22 ذي الحجة 1425هـ