العدد 881 - الأربعاء 02 فبراير 2005م الموافق 22 ذي الحجة 1425هـ

الجوهر لا المظهر

عبدالنبي العكري comments [at] alwasatnews.com

ناشط حقوقي

تسود الحياة العربية ظاهرة مرضية وهي الاهتمام بالمظهر لا الجوهر والابتعاد عن بساطة الفطرة إلى افتعال التعقيد المفتعل. يمكننا ملاحظة ذلك بدءا باللباس وانتهاء بالتنظيم الإداري للدولة وألقاب المسئولين.

ترى الموظف أو صاحب العمل ما أن يبدأ في صعود السلم الوظيفي أو الاقتصادي أو الاجتماعي حتى تتغير هيئته ومظهره، فيلجأ البعض إلى التجميل ولبس اللباس الفاخر ويقتني سيارة فخمة، ويبني لبنيه بيتا أو قصرا أفخم، وعددا من الحشم والخدم ويتكرس في مؤسسات الدولة والقطاع الخاص حتى، نمط من علاقات بين المرؤوس ورئيسه من النفاق وإظهار آيات الإعجاب والتبجيل الكاذب، فيما يسلك الرئيس سلوك الغطرسة والتسلط وادعاء الفهم الخارق. ولذلك، فإن كثيرا من الوقت المخصص لمناقشة قضية ما وخصوصا في القطاع الحكومي يهدر في تبادل عبارات فارغة من المضمون، وتقديم الهدايا التقديرية الباهظة الثمن، وعمل الولائم المكلفة.

أضحت المناسبات الحميمية السعيدة مثل الزواج وأعياد الميلاد مناسبات لاستعراض مظاهر البذخ والتبذير، ويغيب الفرح الحقيقي وحتى المناسبات الحزينة مثل فقد عزيز، فقد تحولت إلى مناسبات للوجاهة، وقد يقتضي الصعود في السلم الاجتماعي أو الوظيفي إجراء عملية تجميل أو اللجوء إلى اختصاصي التجميل لاستعادة مظهر شباب كاذب، والبعض يلجأ إلى الزواج من جديد من الطبقة الاجتماعية أو الأصول العائلية التي تتناسب مع مكانته الجديدة، مضحيا برفيقة العمر التي ساندته وعانت معه في أيام الشقاء، ليتركها مع أولادها في بيت معزول عن مجرى حياته.

إن العقلية السائدة في جهاز الدولة العربية هي عقلية الإخضاع والخضوع. ولذلك، تختفي روح المصارحة والتقييم الموضوعي والنقد، لأنه يعتبر كشفا للخلل أو ضعفا. كما تسود روح الشللية للإسناد المتبادل وخلق دائرة داخلية لصانعي القرار يصعب اختراقها وتحاط بالغموض، وتشاع حولها الأساطير بحيث يشعر من هو خارج هذه الدائرة بالضعف وعدم التأثير ويظل تحت رحمة مركز القرار.

ونكتشف زيف الهالة التي يحاط بها المسئول العربي، وإسباغ الصفات الخارقة عليه كالشجاعة والإقدام والمعرفة عندما يسقط النظام السياسي أو يزاح القائد في انقلاب قصر، بخواء ذلك القائد وضحالته واستعداده لشراء حياته ورغده حتى بالاستجداء. أما في أنظمة الحكم السوية، فنجد القائد لا يبتئس لخروجه من موقع القرار، بل نراه يبدع في مجالات العمل الأهلي، وقد ينصرف إلى حياة عادية هانئة

إقرأ أيضا لـ "عبدالنبي العكري"

العدد 881 - الأربعاء 02 فبراير 2005م الموافق 22 ذي الحجة 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً