ظل التأمين الصحي على الأجانب مادة دسمة لمشروعات بحث ودراسة منذ نحو عقد، إلا أنه في كل مرة يتم الانتهاء من الدراسة وتركن توصياتها، ولا يوجد سبب لهذا الارجاء غير المبرر سوى تغير صناع القرار في الوزارات المعنية وصعوبة استيعاب رؤى المسئولين السابقين في برامجهم المقبلة.
إلا أن الوضع المتردي الذي تشهده الخدمات الصحية بسبب الضغط الكبير عليها والذي يصاحبه من دون شك تذمر وشكوى من وزارة الصحة ومن المرافق الصحية تحت إدارتها يبدو أنه دفع الوزيرة ندى حفاظ إلى ضبط هذا التوجيه في برنامج زمني حددته في 70 أسبوعا.
والوزيرة محقة في هذه الصرامة في تطبيق النظام الصحي على الأجانب في ظل استنزاف أكثر من ثلث السكان لموارد الوزارة العلاجية وإنهاك مرافق الخدمات الصحية من دون مقابل ما يؤدي إلى تردي الخدمات التي يحصل عليها المواطنون.
وهذا لا يعني أي تمييز إنساني في أهمية توفير العناية الصحية اللائقة، فهي حق من حقوق هؤلاء الأجانب سواء من ذوي الياقات البيضاء أو الزرقاء على السواء، إلا أن أرباب العمل لابد أن يتحملوا كلفة الرعاية الصحية للعمالة التي يتم جلبها من الخارج بدلا من إلقاء عبئها على الحكومة، وبحسب دراسة "ماكينزي" فإن كل أجنبي يكلف الحكومة 40 دينارا شهريا وتشمل هذه الكلفة استخدام عدد من المرافق الحكومية ومن بينها الصحية.
والمعروف أن الشركات الكبرى فقط تدفع حاليا رسما قيمته 35 دينارا سنويا عن كل عامل، إلا أن هذا الرسم غير الزامي على الشركات الصغيرة ولا على خدم المنازل والسواق ومن حكمهم ما يجعل العبء كبيرا على موازنة الصحة، إذ إن غالبية العمالة الأجنبية تنضوي تحت فئة الوظائف الدنيا.
وعلى رغم عدم اتضاح صورة النظام التأميني الذي سيتم تطبيقه إلا أن الخيارات لابد أن ترفع بعض العبء عن الوزارة، فافتراض تطبيق نظام يشبه النظام الكويتي بفرض رسوم قدرها 50 دينارا على كل أجنبي "عدد الأجانب 261463 بحسب أرقام 2003" يعني أن إجمالي قيمة هذه الرسوم سيبلغ نحو 13 مليون دينار سنويا تعادل نحو 13 في المئة من موازنة الصحة للمصروفات المتكررة لعامي 2005 و،2006 كما أن خيار إشراك شركات التأمين في تقديم هذه الخدمات سينشط سوق التأمين المحلية ويوسعها ويرفع عن الحكومة عبء تقديم الخدمات غير المحدودة لهؤلاء المؤمنين.
وبحسب العاملين في صناعة التأمين المحلية فإن تطبيق نظام التأمين الصحي بمعناه الشامل ليس بمهمة سهلة في ظل الامكانات البشرية والتقنية والإدارية للشركات الحالية غير المعتادة على هذا النوع من التأمين وقد يستغرق الأمر سنوات قبل استقراره في شكله المتعارف عليه في الأنظمة التأمينية المتطورة. لكن مهم أيضا أن تتواصل اتجاهات تطبيق التأمين للأفراد الأجانب والمواطنين على السواء، وهنا يأتي دور شركات التأمين بالتعاون مع الجهات الرسمية ومقدمي الخدمات الصحية من القطاع الخاص لتدشين حملات توعية واسعة وابتكار منتجات تأمينية مشجعة ومفصلة بحسب احتياجات المجتمع للتقديم لهذه الثقافة التي تعتبر من أساسيات جودة الحياة في الدول الأكثر تحضرا
إقرأ أيضا لـ "هناء بوحجي "العدد 881 - الأربعاء 02 فبراير 2005م الموافق 22 ذي الحجة 1425هـ