يبدو أن ظاهرة الإرهاب الدولي التي ابتكرها المحافظون الجدد في الإدارة الأميركية مازالت في بداياتها الأولى ولن تنتهي قريبا كما يعتقد الكثير من المراقبين. فقد توقع أحد كبار الخبراء الأميركيين في شئون مكافحة الإرهاب أن تستمر هذه الحرب حتى العام .2011

جاء ذلك في تقرير نشر حديثا تضمن تحليلات مسئول مكافحة الإرهاب في البيت الأبيض ريتشارد كلارك، ومن أهم توقعاته وتحليلاته لمرحلة ما بعد الحادي عشر من سبتمبر/ أيلول أن تقوم الولايات المتحدة بضرب مواقع الأسلحة النووية الإيرانية، ولكنها تخطئ في تحديد المواقع الحقيقية، ما يدفع طهران إلى قصف المنشآت النفطية السعودية في رأس تنورة، وسيؤدي ذلك إلى أزمة اقتصادية دولية إذ سترتفع أسعار النفط لتصل إلى مستويات قياسية جدا تبلغ نحو 81 دولارا للبرميل، قبل أن تنخفض إلى 72 دولارا في غضون شهر واحد بسبب الجهود التي ستبذلها الولايات المتحدة لخفض الأسعار عن طريق زيادة الإنتاج.

في الغالب مثل هذه التوقعات لا تحظى بصدى في الدول العربية والإسلامية، ومن النادر وجود آليات ومؤسسات معنية بالتخطيط السياسي والاستراتيجي لهذه البلدان. وإذا نظرنا إلى السياسة الخارجية للدول العربية سنجدها تتعامل مع السياسات الخارجية للدول الكبرى دائما بردود فعل من دون أن تقوم بسلسلة مبادرات تواجه فيها السياسات الخارجية الغربية التي تعمل على التخطيط على مراحل طويلة المدى، في الوقت الذي تنهمك فيه السياسات الخارجية العربية ببحث كيفية التعامل مع الحوادث اليومية بأساليب إدارة الأزمات بهدف التقليل قدر الإمكان من مخاطر مجريات الأمور.

التوقعات التي صدرت عن كلارك قد تبدو بعيدة المنال عن أرض الواقع، وقد يرى كثيرون عدم إمكان تحقيقها في ظل الظروف الحالية، ولكن ينبغي النظر إلى أنها صادرة عن مسئول أميركي كبير في البيت الأبيض يساهم في صوغ وبلورة أهم السياسات الخاصة بمكافحة الإرهاب. وبالتالي يجب أن تكون للسياسات الخارجية العربية مرئياتها لمستقبل المنطقة، وكيفية التعامل مع المتغيرات الإقليمية والدولية وفق خطط واستراتيجيات واضحة المعالم.

وإذا أتينا إلى مسألة الإرهاب الذي تسعى البلدان العربية والإسلامية لمواجهته ومكافحته فسنجد أنه على رغم الاهتمام اللامحدود، والجهود الكبيرة المبذولة تجاه هذه الظاهرة والمبالغ المرصودة لدعم الجهود الحكومية في هذا الصدد، فإنه لا توجد صورة واضحة للمسئولين العرب عن التوقيت الذي يمكن أن تنتهي فيه ظاهرة الإرهاب المتنامية، وإلى متى تظل البلدان العربية تحارب وتكافح الإرهاب؟

ولذلك من الأهمية بمكان أن تتطور السياسات الخارجية العربية وتصل إلى مرحلة التخطيط، فالإمكانات موجودة، ولكن القناعة مفقودة. ولإدراك أهمية التخطيط والمبادرة في السياسة الخارجية يمكن استرجاع الذاكرة إلى العام 1991 عندما أوفدت الولايات المتحدة خبراء استراتيجيين إلى منطقة الخليج لدراسة الأوضاع في بلدانها ليقوموا بعد ذلك بالتخطيط لإنشاء خليج جديد بعد سنوات عدة، وهو ما بدأ اليوم باحتلال العراق