قبل أن تقود الولايات المتحدة الأميركية تحالفا مثيرا للجدل لخوض الحرب لإنهاء حكومة الرئيس العراقي المخلوع صدام حسين وقفت فرنسا موقفا مناهضا للموقف الأميركي وقادت تحالفا مضادا دعا إلى ضرورة إعطاء الدبلوماسية دورا أكبر ومساحة أوسع ومنذ ذلك الحين وعلاقات البلدين في حال من التباين اللافت، غير أن السبب الأساسي لهذه الخلافات لم يكن شن الحرب من عدمه بقدر ما كان يتمحور حول المصالح الاقتصادية لكلا البلدين اللذين تضاربت مصالحهما وتباعدت بسبب التركيبة التي أفرزتها الحرب والتي أدت إلى خروج فرنسا التي كانت تعتبر اللاعب الأساسي في الاقتصاد العراقي مع روسيا. وتشير الدلائل المتوافرة لدى الكثير من المحللين والمراقبين إلى أن المصالح الاقتصادية والتجارية بين فرنسا وأميركا تمثل السبب الجوهري لخلافات البلدين منذ ما يقارب الثلاثة أعوام. وتشير الإحصاءات إلى أن قيمة هذه المصالح تقترب من 365 مليار دولار سنويا، ما يعادل مليار دولار يوميا.
والحال هذه، فإن القمة المقررة بين الرئيسين الأميركي جورج بوش ونظيره الفرنسي جاك شيراك في 21 فبراير/ شباط الجاري في بروكسل، في إطار جولة بوش الأوروبية، ستشكل نقلة نوعية ينتظرها مجتمع الأعمال في كلا البلدين بعد مرحلة فتور كبيرة في علاقاتهما بسبب تزعم فرنسا للمعسكر الرافض للحرب على العراق. ويعول مجتمع الأعمال على نجاح هذه القمة التي ستعيد انتعاش التبادل التجاري الزاهر بين البلدين في مطلع سنوات التسعين من القرن الماضي.
وفي بادرة تأتي في إطار الاستراتيجية الشهيرة التي تضع السياسة في خدمة الاقتصاد بادر الرئيس الأميركي جورج بوش "الاثنين" بالاتصال بالرئيس جاك شيراك للتباحث عن مجمل القضايا التي تهم البلدين وفي مقدمتها المسألة العراقية في مبادرة قابلها الرئيس شيراك بالإشادة بالانتخابات العراقية ووصفها بأنها مرحلة مهمة على طريق بناء المسيرة السياسية في العراق، مؤكدا استعداد فرنسا للتعاون في دعم مسيرة إعادة بناء العراق وخصوصا في مجال تشكيل وتدريب قوات الأمن وكبار الموظفين.
وللمرة المليون يأتي الاقتصاد في مقدمة القضايا التي تفضي إلى أفضل العلاقات أو أسوأها بين البلدان وفقا لقانون الاقتصاد الخاص وقواعده الداخلية. وهي حقيقة يعززها التاريخ يوما إثر يوم
العدد 880 - الثلثاء 01 فبراير 2005م الموافق 21 ذي الحجة 1425هـ