يتجه العالم الى حال من تقلص الموارد والثروات، الثروات الطبيعية، خصوصا مع جور فادح يمارس على الطبيعة، ولا فرق في ذلك بين مجتمع بلغ درجات مذهلة من المدنية واحترام القانون فيه من قبل غالبية، وتجاوزه من قبل أقلية تمارس قفزها على كل شيء، وبين مجتمع لم يسمع بعد عن الراديو الترانسيستور، أو الغسالة، أو حتى الدراجة الهوائية. يتساوى الجميع في ذلك، إذ الدول المتخلفة تصادر ثرواتها من قبل أفراد انتجهم منعطف تاريخي ما تحولوا فيه من فقراء سابقين، الى شريحة من النخبة متخمة بالكثير من المظالم، لو أتيح لها مزيد من الامكانات لعمدت الى "تسوير الفضاء"، وحلب الطبيعة حتى مراحل ما بعد الدم!.
تقلص كذاك، يدفع بهذا الكوكب للترشح الى مزيد من القلاقل والفتن والخروج على القانون الذي من المفترض به أن يثبت الحقوق، ويضع حدا للتجاوزات. ولن تكون الصورة مبالغا فيها من حيث المأسوية، لو قلنا: ان الإفراط وبدم بارد في مصادرة ثروات الطبيعة وتجييرها للصالح الخاص، سيكون المدخل الأول لتحويل هذا الكوكب الى طلل لن يتمكن من استعادة عافيته قبل قرون من البدء من نقطة الصفر التي بدأ منها الإنسان الأول في أمكنة لم تتطور فيها اللغة بدرجة تخلق حالا من التواصل الانساني، عدا عن الحديث عن صمود المنجز البشري خلال قرن أمام هول سيكون نسخة مصغرة ليوم القيامة!. ولعل استدراكا يطل برأسه هنا: لا تكمن الخطورة في تدمير بيئة العالم فحسب، بقدر ما تكمن الخطورة في تدمير بيئة أخلاقية ونفسية هي مرشحة في الأساس للخروج عن طورها في ظل وصول ثرمومتر التجاوزات حدا سيؤدي الى انفجاره وبالتالي ضياع مؤشر ما سينتج عنه وما سيؤدي اليه.
جعفر الجمري
العدد 880 - الثلثاء 01 فبراير 2005م الموافق 21 ذي الحجة 1425هـ