العدد 879 - الإثنين 31 يناير 2005م الموافق 20 ذي الحجة 1425هـ

ما الذي تحقق من مقررات وبيانات قمة تونس؟

في انتظار قمة العرب في الجزائر:

المصطفى العسري comments [at] alwasatnews.com

أسابيع فقط، ويصبح موضوع القمة العربية حديث الساعة مثل عادتنا في هذا الوقت من السنة، وقتها ستتوارى الحوادث في العراق بعد إجراء الانتخابات، والأوضاع في فلسطين بعد نجاح أبومازن في إقناع الفصائل الفلسطينية السياسية والمسلحة في وقف هجماتها على مستوطنات غزة وصحراء النقب، ليصبح الشغل الشاغل لنشرات أخبار فضائياتنا وصفحات صحفنا ومجلاتنا، برنامج القمة، والقضايا المكررة والمجترة التي ستعالجها، والدول التي ستحضرها وتلك التي ستقاطعها، ومستوى تمثيلية الدول المشاركة، هذا إذا لم يحدث قبل ذلك ما يعكر صفوها، لتؤجل إلى ما بعد 23 مارس/ آذار على غرار قمة تونس الماضية التي تم تأجيلها لشهرين من الزمن المحدد لها.

في انتظار تلك الزوبعة، وفي انتظار خطف العاصمة الجزائرية للأضواء الإعلامية من العراق وفلسطين، إذ إننا في المغرب العربي لا أحد يهتم بقضايانا إلا إذا كانت هناك قمة عربية وما شابهها، يجدر بنا أن نفتح المقررات المنبثقة عن قمة تونس وبياناتها المتعددة، وما تحقق منها، والتغييرات التي عرفها عالمنا العربي بين قمتي مايو/ أيار 2004 وقمة مارس .2005

فقد صدرت عن مؤتمر القمة العربي في تونس بيانات تدعو إلى الإصلاح السياسي في الدول العربية، وإلى إصلاح جامعة الدول العربية وهياكلها.

وفيما الجزء الأول، فالمتتبع لفهرس العام العربي الماضي، يرى أن الوضع السياسي للدول العربية لم يطبع بأية تغييرات ذات صبغة جماعية تنفيذا لمقررات قمة تونس، وأن التغييرات أو الإصلاحات إذا جاز لنا تسميتها بذلك جاءت وفق ما سمحت به الأجندة الداخلية لكل دولة وهي على العموم قليلة وكانت مغاربية أساسا، وهو ما تمثل بإصدار الرباط لقانون جديد للأسرة، وبتخليها عن احتكار الإعلام السمعي البصري، وبتدشينها لخطوة تصالحية تستهدف رد الاعتبار لمعتقلي العقود الماضية عبر هيئة الإنصاف والمصالحة، وتدشين حوار بشأن قانون الأحزاب. وفي الجزائر الخارجة لتوها من حرب أهلية دامت عشرية كاملة تستعد البلاد لإصدار قانون العفو، الذي يأتي بعد إجراء انتخابات رئاسية تعتبر الأولى من نوعها من حيث نزاهتها وشرعيتها وفق التقارير التي أصدرتها لجان المراقبة الدولية. تونس بدورها شهدت خلال السنة العربية التي تقارب على الانتهاء تنظيم انتخابات رئاسية وتشريعية، وعلى رغم الانتقادات الصادرة عن أحزاب المعارضة الداخلية، وعن بعض لجان حقوق الإنسان المحلية والدولية، فإنه يمكن القول إنها خطوة أولى في مسيرة الإصلاح. لتشكل ليبيا الاستثناء مع موريتانيا التي تحاكم حاليا عددا من زعماء الحركة السياسية في البلاد بعد اتهامهم بالتورط في الانقلابات التي قادها الرائد صالح ولد حنانا ضد نظام العقيد.

أما مشرقيا فتوالت الانتكاسات، ابتداء من خرق الدستور اللبناني والتمديد للعماد اميل لحود في رئاسة الجمهورية، وبداية الحديث في جمهورية مصر العربية التي أطاحت قبل 60 سنة بالنظام الملكي لإمكان التجديد للمرة الخامسة أو توريث الحكم لابنه جمال مبارك في تكرار واضح للسيناريو السوري، هذا من دون إغفال التضييق الذي تمارسه دمشق على معارضيها، واحتكار الدولة لأجهزة الإعلام ليس فقط السمعي والبصري وإنما حتى المكتوب.

فيما يخص الجانب الثاني والمتعلق بجامعة الدول العربية. فالبيت العربي الأخضر في القاهرة ظل على حاله إن لم يزد سوءا على سوء، حتى أن أمينها العام عمرو موسى لم يحصل على راتبه الشهري منذ ما يزيد عن 6 أشهر. ومن المستجدات التي عرفها هذا المحفل العربي دعوات مغاربية قادتها الجزائر نحو تداول منصب الأمانة العامة لجامعة الدول العربية بين أعضاءها بدل أن تبقى مقرا مخصصا لموظفي وزارة الخارجية المصرية حال تقاعدهم. وكان من الطبيعي أن تقابل الدعوة المغاربية الجزائرية بتشنج مصري.

ضربة أخرى وجهت للأحلام العربية بمأسسة العمل العربي على غرار جيراننا الأوروبيين، يتعلق الأمر بالاتفاق على إنشاء برلمان عربي، وهذا شيء جميل لكن الأمر غير الجميل هو اختيار دمشق لتكون مقرا لها علما بأن سورية لا تعرف انتخابات متعددة إلا ضمن الجبهة القومية التي يقودها حزب البعث العتيد. هذا من دون إغفال البند المتعلق بتركيبة البرلمان العربي، إذ قيل إن الدول التي ليس لها برلمان منتخب يمكن أن تعين نوابا. وبهذا فالبرلمان العربي المأمول قيامه سيأتي ليزكي عمل الحكومات العربية ويشيد بإنجازاتها، بدل أن يكون "برلمان دمشق العربي" مراقبا لعملها ومسائلا لها على غرار النواب الأوروبيين المنتخبين من طرف شعوبهم من خلال الانتخابات التشريعية الأوروبية.

على أي وقبل بداية زوبعة القمة التي وحتى لا نتهم بالتشاؤم قبل عقدها، نتمنى من الذين يستعدون للاجتماع في الجزائر أن يناقشوا الأوضاع الحياتية للمواطن العربي، وكيفية تطوير العمل المشارك خصوصا الاقتصادي منه، ونرجو منهم عدم التطرق لقضيتي فلسطين والعراق، لأن التطرق إليها هو مضيعة للوقت فقط مادام أنه ليس بيد العرب أي شيء فعله لهذين الشعبين اللذين هما من يستطيعا فقط تغيير أحوالهما وتقرير مصيرهما على غرار كل البلدان التي تعرضت للاحتلال. بل ان تطرق القمة لهاتين القضيتين، ما هو في الواقع إلا تشويش على نضال أصحابها من أجل نيل الحرية، ليس إلا وكل قمة ونحن في أحسن حال من التي قبلها

العدد 879 - الإثنين 31 يناير 2005م الموافق 20 ذي الحجة 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً