الإعلان عن قيام "حزب الأمة" أورث مجموعة من الأسئلة القانونية والتاريخية الكثيرة، ولكن الكثيرين كانوا مستغربين من حضور ممثلي السفارة الأميركية في الكويت لهذا الحفل، وهذا ما استغربته الزميلة سوسن الشاعر في مقالها أمس أيضا.
هناك علاقة لا يمكن أن يتم توصيفها بسهولة بين قوى المعارضة "الدينية والسياسية" وبين الأنظمة الغربية، ففي الوقت الذي "تردح" هذه القوى بالقول إن الغرب "كله" كفر ومجون وعصيان و"صليبية" تحارب الإسلام، بلغة المعارضة الدينية، أو إمبريالية متوحشة بلغة المعارضة السياسية الكلاسيكية، ولكن كلتا المعارضتين تحجان إلى مقرات السفارات الأميركية أينما كانت "لتشرح" لها وجهات نظرها في أوضاعها الداخلية، و"تبادل وجهات النظر"، في الوقت نفسه، فإن الإدارة الأميركية والمنظمات غير الحكومية، لا تني تهاجم المتشددين الإسلاميين، بوصفهم الخطر الداهم على الأمن والاستقرار العالميين، وبكونهم رؤوس الإرهاب في عالم اليوم، بعد أن تم التخلص من رمزه في العراق، ولكنها "الإدارة والمنظمات" تدعم في الوقت نفسه قيام أحزاب سلفية "أصولية" ولو من باب رمزية الحضور في حفل الإشهار، وذلك نكاية في "الدول غير الحرة" والأنظمة القائمة على الاستبداد في أكثر من قطر عربي وغير عربي.
في كلا الحالين، فإنه لن يمر زمن طويل حتى تعود الأمور إلى مجاريها الطبيعية، فأميركا التي ساندت أسامة بن لادن عادت لتحاربه، وعاد إلى حربها، وهي التي دعمت نظام صدام حسين في حرب السنوات الثماني، وقدمت له ما يمكنه من تفوق نوعي من أسلحة وتسهيلات، انقلبت عليه وانقلب عليها.
تنسى هذه الأطراف العربية أن عليها أن تكون مطيعة لمن رعاها وأن أول عمل لأظافرها عندما تنمو هو خربشة الوجه الأميركي، وفي المقابل، لا تغفر أميركا لمن يشذ عن درب الطاعة ويتصور أنه استقل أو اكتفى بنفسه.
ليس شرطا أن هذا ما سيحدث للحزب الكويتي الوليد، ولكنه التاريخ لمن يقرأه
إقرأ أيضا لـ "غسان الشهابي"العدد 879 - الإثنين 31 يناير 2005م الموافق 20 ذي الحجة 1425هـ