أفادت ردود الفعل المتعلقة بدفن خليج توبلي، أن معظم أعضاء مجلس النواب غير مندفعين لتقديم طلب مستعجل لتشكيل لجنة تحقيق نيابية بشأن التجاوزات الخاصة بتدمير الخليج من قبل بعض المتنفذين في الدولة، إذ برر بعضهم ذلك بأن هذه الخطوة يجب أن تأتي بعد توجيه أسئلة إلى الوزراء المختصين، فضلا عن انتظار نتائج بحث الموضوع المذكور في لجنة المرافق.
من جانب آخر، يحاول النائب جاسم عبدالعال استثمار اهتمام كتلتي المستقلين والديمقراطيين لدعم توجهه في طلب لجنة تحقيق. وسيقدم طلب التحقيق - فيما إذا تم اتفاق النواب بشأنه - في الجلسة الأولى للمجلس بعد إجازته الربيعية. ونفت مصادر نيابية أن يصل الموضوع إلى حد الاستجواب، إذ تشترط المادة "65" من الدستور أن يكون استجواب أي وزير مرتكزا في "الأمور الداخلة في اختصاصاته"، وهذا ما يجعل وزير شئون البلديات والزراعة السابق محمد علي الستري بعيدا عن المساءلة بعد التغيير الوزاري الأخير.
الوسط - علي القطان
أكدت مصادر نيابية مطلعة أن النواب لم يتشاوروا بعد بشأن تقديم طلب مستعجل لتشكيل لجنة تحقيق نيابية في شأن التجاوزات الخاصة بتدمير خليج توبلي بواسطة ردمه من قبل بعض المتنفذين في الدولة. وسيقدم طلب التحقيق فيما إذا تم اتفاق النواب بشأنه في الجلسة الأولى للمجلس بعد إجازته الربيعية في 15 فبراير/ شباط المقبل.
وأوضح النائب جاسم عبدالعال الذي يعتزم إعداد الطلب الأسبوع المقبل أن نواب كتلة الديمقراطيين الوطنيين "عبدالهادي مرهون، يوسف زينل، عبدالنبي سلمان" يقفون معه في هذه التوجهات فضلا عن دعم النواب من الكتل الأخرى لاتخاذ إجراءات رقابية عاجلة في الشأن المذكور.
ونفت المصادر النيابية أن يصل الموضوع لحد الاستجواب إذ تشترط المادة "65" من الدستور أن يكون استجواب أي وزير مرتكزا "عن الأمور الداخلة في اختصاصاته" وطبعا فإن التغيير الوزاري جعل وزير شئون البلديات والزراعة السابق محمد علي الستري بعيدا عن موقع المساءلة فيما يخص التجاوزات الخاصة بخليج توبلي. ولا يمكن أن يستجوب الوزير الجديد في الشأن المذكور إذ إنه غير مسئول عما حدث قبل تكليفه بالوزارة.
وقال النائب الأول لرئيس مجلس النواب عبدالهادي مرهون "إن قوانين منع الردم في خليج توبلي وزيادة الرقعة الخضراء في منطقة الحزام الأخضر لم تصمد أمام جبروت وهيمنة وسطوة المتنفذين الذين تمادوا كثيرا في تدمير بيئتنا لحساب زيادة أرصدتهم المصرفية على حساب ثرواتنا البحرية والزراعية ومصادر غذائنا الرئيسية ومصادر رزق بحارتنا وصيادي بلادنا، مؤكدين أن على الجهات المختصة أن تتعامل بحزم مع هذه المسألة بعيدا عن التردد والإهمال لقرارات وقوانين كانت كافية لو تم تطبيقها للجم كل جبروت المال وسطوة النفوذ لدى البعض من المتنفذين".
النائب عبدالنبي سلمان قال "إن منع دفان البحر يجب أن يتم في جميع مناطق البحرين وسواحلها، وتحديدا في خليج توبلي الذي تضرر جراء الردم غير المبرمج والاعتداء على البيئة ومصادر الثروة السمكية، التي تمثل مصدر رزق للكثير من الصيادين، ولجموع شعب البحرين، ونحن في ذلك لا يجب أن نتكلم عن المشروعات المناطقية فعندما نتكلم عن هذا النوع من المشروعات فالمسألة تحتاج إلى بعد نظر، والتفكير على مستوى البلد، فنحن لا نمثل مناطقنا في حد ذاتها، ولكننا نمثل البلد ومصالحه". وأضاف "تقدمنا مع مجموعة من النواب، بمشروع عن استملاك الأراضي العامة للدولة، ويجب أن يشمل ذلك ممتلكات الدولة في البر والبحر، وخصوصا في الظروف الحالية، إذ إن رقعة مساحة الأراضي الفضاء محدودة جدا نتيجة التملك الجائر وغير المبرر، الذي أعاق الكثير من الاستثمارات والمشروعات، وتسبب في أن تكون البحرين جزيرة من دون سواحل، وهذه مفارقة لا يفهمها إلا شعب البحرين".
واقترح المدير العام لشئون البيئة والحياة الفطرية بالهيئة العامة لحمـايـة الثـروة البحـرية والبيئة والحياة الفطرية إسماعيل المدني في لقاء له بلجنة المرافق في الشورى أن تقوم الحكومة باستملاك المتبقي من الأراضي غير المملوكة كخطوة أولى وبعدها تتم مناقشة الخرائط والمساحات بالشكل الصحيح لوضع تصور أو حلول استراتيجية.
وبحسب كتاب "خليج توبلي" لمؤلفيه ابتسام عبدالله خلف وإسماعيل محمد المدني يعد خليج توبلي من المناطق البحرية الفريدة في البحرين بسبب غناه الشديد من ناحية التنوع الكبير في البيئات الموجودة فيه، والكائنات الحيوانية والنباتية التي تزدهر به. أما من ناحية التنوع في البيئات، فهذا الخليج يضم خليطا من الأنظمة البيئية المهمة، فهناك بيئة أشجار القرم من جهة، وبيئة الأعشاب والطحالب من جهة أخرى، إضافة إلى المسطحات الصخرية وبيئة النباتات الملحية. هذا التنوع المشهود في البيئات يجعل الخليج غنيا بالموارد البحرية المهمة كالأسماك والقشريات، ويؤدي دورا مهما كمركز حضانة وتغذية وتفريخ لهذه الكائنات البحرية التجارية، وبالتالي يمكن اعتباره نظاما بيئيا متكاملا يسهم بصورة أو أخرى في دعم المخزون البحري، والثروة السمكية للبلاد.
وأضاف الكتاب "ونظرا لقرب موقع خليج توبلي من العاصمة جعله مركز جذب للمستثمرين، وخصوصا في مجال بيع وشراء الأراضي على الشريط الساحلي الجميل، إضافة إلى جذب لمحطات معالجة مياه المجاري من جانب، ومصانع غسيل الرمال من جانب آخر، والتي استفادت من البحر لغسيل الرمال وتوزيعها في أقصر فترة زمنية. كذلك فإن ضحالة مياه خليج توبلي وقربة من المناطق السكنية، جعله فريسة سهلة للصيد الجائر من قبل الكثير من الناس، من دون مراعاة للأنظمة والقوانين الصادرة بشأن الصيد في هذا الخليج".
وأوضح المؤلفان "إن خليج توبلي يعاني في كل يوم من الضغوط البشرية المستمرة على أمنه وصحته وسلامته، فعمليات الدفان تآكل من جسمه يوما بعد يوم وتقلل من مساحته، وفي كل يوم نخسر جزءا حيويا ومنتجا من هذه البيئة البحرية، وفي كل يوم نقطع شريانا يمدنا بزاد الحياة والغذاء، وفي كل يوم نقضي على البيئات والكائنات الفطرية التي تسكن فيه، والمخلفات السائلة من جهة أخرى تدهور نوعية المياه فتؤثر على الثروات النباتية والحيوانية الفطرية. ولذلك فإن كل هذه الممارسات الجائرة لو استمرت أكثر، فإن هذا الخليج سيكون حتما في عداد الموتى، وسيصبح جزءا من التاريخ المعاصر ولا نراه إلا في صفحات الكتب، وعواقب ذلك عندئذ ستكون وخيمة وانعكاساتها ستكون مشهودة على أمننا الغذائي".
وبحسب المعلومات المعلنة فإن خليج توبلي كانت مساحته 25 كيلو مترا أما الآن فأصبحت مساحته 8 كيلومترات فقط.
هناك عدة قوانين تمنع دفن البحر والإضرار بالبيئة الساحلية لاسيما خليج توبلي ومنها المادة "44" من مرسوم بقانون الرقم "16" للسنة 1989 التي تنص على أنه "يحظر على أي شخص أن يلقي على الشاطئ أو في الشارع أو الأماكن العامة أو الخاصة أيا من مخلفات هدم المباني ومخلفات الحدائق أو أية مواد أخرى أو فضلات المواد السامة.
وتنص المادة على أنه ومع عدم الاخلال بعقوبة أشد، يعاقب من يخالف حكم الفقرة "أ" من هذه المادة بغرامة لا تقل عن خمسين دينارا ولا تزيد على مئة دينار.
كما أن قرارات مجلس الوزراء في جلسته رقم 1341 المنعقدة بتاريخ 16 أبريل/ نيسان 1995 تنص على عدد من الأمور منها "وقف جميع أنواع الدفان فورا في خليج توبلي، منع الإنشاء والتعمير في منطقة شجيرات القرم برأس سند باعتبارها منطقة محمية طبيعية من الفئة "أ"، عدم السماح بالتعمير في المنطقة المتبقية من خليج توبلي باعتبارها محمية طبيعية من الفئة "ب"، اعتبار الشريط الساحلي المطل على خليج توبلي بما فيه سواحل جزيرة النبيه صالح منطقة تعميرية يسمح فيها بالمشروعات ذات الطبيعة الخاصة بعد موافقة وزارة الاسكان عليها ووضع الاشتراطات البنائية اللازم تحقيقها بحيث لا يسمح بالتعمير فيها إلا وفقا للاشتراطات الخاصة التي تصدرها وزارة الاسكان، عدم السماح بالتعمير في الأراضي الريفية المتاخمة لخليج توبلي إلا وفقا لمخططات تفصيلية معتمدة من وزارة الاسكان موضحة الاستعمالات المسموح بها، والاشتراطات البنائية لكل قطعة أرض بعد استكمال شبكة الطرق فيها، عدم زيادة الاستعمالات السكنية في المنطقة المتاخمة لمحطة معالجة مياه المجاري أو في الأراضي الزراعية".
كما ينص القرار الوزاري رقم 1 لسنة 1995 بشأن منع الدفان والتعمير في خليج توبلي في المادة الثانية على أنه "يمنع التعمير في منطقة شجيرات القرم برأس سند باعتبارها منطقة محمية طبيعية من الفئة "أ" طبقا لقرار مجلس الوزراء الصادر بتاريخ 16 أبريل 1995 كما منع القرار التعمير في المنطقة المتبقية من خليج توبلي باعتبارها منطقة محمية طبيعية من الفئة "ب" طبقا لقرار مجلس الوزراء المذكور.
وينص القرار الوزاري رقم 4 لسنة 2000 بشأن الترخيص بــردم دفـــــان الأراضي البحرية " المغمورة بالمياه" في المادة الأولى منه على أنه "لا يجوز لأي شخص أن يقوم أو يشرع في القيام بأي عمل من أعمال ردم الأراضي البحرية المغمورة بالمياه سواء لحسابه أم لحساب الغير، أيا كان الغرض من هذه الأعمال، إلا بعد الحصول على ترخيص بذلك من إدارة الشئون الفنية والهندسية بالهيئة البلدية المركزية وفقا لأحكام هذا القرار"
العدد 878 - الأحد 30 يناير 2005م الموافق 19 ذي الحجة 1425هـ