يقدر عدد العراقيين المؤهلين للاقتراع في أول انتخابات تشريعية ومحلية ديمقراطية تجرى منذ أكثر من 50 سنة، بنحو 13,9 مليون نسمة. وتتضمن اللوائح الانتخابية أسماء أكثر من مئة حزب وائتلاف وشخص يتنافسون على مقاعد المجلس الوطني المؤقت. ويزيد مجمل عدد المترشحين المتنافسين على 275 مقعدا على 7 آلاف مرشح. ويحق لكل مقترع انتخاب لائحة حزبية واحدة أو مرشح.
وعلاوة على انتخاب أعضاء المجلس الوطني، ستنتخب كل محافظة مرشحين يحتلون المقاعد الواحد وأربعين في مجلس المحافظة "عددها 18 مجلسا"، باستثناء بغداد التي يبلغ عدد مقاعد مجلسها 51 مقعدا، في حين سينتخب المقترعون في المنطقة الكردية مجلسا وطنيا لكردستان.
وإذا نظرنا إلى تركيبة المجتمع العراقي نجده يتكون من عدة طوائف مختلفة، إذ يمثل الشيعة العرب غالبية تقدر نسبتها بين 60 و65 في المئة من السكان ولكن من الناحية التاريخية لم يكن عددهم متماشيا مع سلطتهم السياسية بل كان السنة هم الأقلية الحاكمة.
ونجد أن المجلس الأعلى للثورة الإسلامية وحزب الدعوة الإسلامي يساندان الانتخابات باعتبار أنها خطوة مهمة لإنهاء الاحتلال في حين يعارض التيار الصدري تلك العملية باعتبار أنها تتم في ظل الاحتلال وبالتالي لا تكتسب الشرعية.
أما الشارع الشيعي الذي ينتظر هذه العملية السياسية، فيدفعه أمران للخوض في غمار الانتخابات، الأول ديني والثاني تسلم السلطة في البلاد التي لم تخرج من يد السنة قط في تاريخ العراق الحديث.
ويمثل السنة العرب نحو 20 في المئة من السكان وكانوا يحكمون العراق في العادة منذ إنشاء بريطانيا الدولة العراقية في العام .1920 وتعود سيطرة السنة إلى عهد الحكم العثماني في القرن السادس عشر. وبعد تولي حزب البعث السلطة العام 1968 بدأ يحصل على الدعم بصورة متزايدة من عشائر السنة العرب في شمال غرب البلاد.
وتقاطع هذه الطائفة الممثلة في هيئة علماء المسلمين والحزب الإسلامي العراقي - وهو الحزب السني الرئيسي الذي ظهر بعد الحرب - الانتخابات مطالبة بضرورة إرجائها لأن العنف سيثني الناخبين في المناطق التي يمثل السنة غالبية سكانها، إذ تتركز الهجمات ضد القوات الأميركية، عن المشاركة. لكن على رغم ذلك نجد شخصيات سنية ارتبطت بالحكومة الحالية تشارك في الانتخابات في قوائم منفردة أو ضمن لوائح أخرى.
يذكر أن السنة أخذوا قرارهم مسبقا بعدم المشاركة بعد الهجوم على الفلوجة، وعلى رغم ما قد يسببه هذا القرار من تحييد هذه الشريحة الكبيرة من الشعب عن الحياة السياسية والسلطة في البلاد فإن السنة يسيرون في هذا الخط الرافض لانتخابات منبثقة عن الاحتلال وحكومة متعاونة معه باستثناء بعض الأطراف التي شكلت لوائح لن تلقى دعما من الشارع السني.
كما يمثل المسيحيون ما يصل إلى 3 في المئة من السكان. ويشكل المسيحيون الأشوريون وغالبيتهم من الكاثوليك الكلدانيين أكبر فئة. أما الآخرون فمن الأرثوذكس السريان أو البروتستانت. وشكلت الحركة الديمقراطية الأشورية والمجلس القومي الكلداني تحالفا خلال الانتخابات.
وينحدر الأكراد من أصول هندية - أوروبية ويعيشون في أجزاء من العراق. وبدأت التطلعات القومية الكردية تظهر في أواخر القرن التاسع عشر ولكنها لم تتحقق بعد. ويمثل أكراد العراق وغالبيتهم من السنة ما يصل إلى خمس السكان ويعيش غالبيتهم في الشمال. وظلوا يحاربون للحصول على الحكم الذاتي لسنوات.
ونحى الحزبان الكرديان "الاتحاد الوطني والحزب الديمقراطي" الكردستانيان خلافاتهما السابقة جانبا ويخوضان الانتخابات معا لمحاولة تعزيز الحكم الذاتي للأكراد في اطار نظام اتحادي.
وعلى رغم مشاركة الأكراد بلائحة قوية وطموحة، إلى حد رئاسة الوزراء أو رئاسة العراق، فإنهم يتوجسون من فقدان ما حصلوا عليه بعد تعاونهم مع الأميركيين وإسقاط النظام، وخصوصا كركوك الغنية بالنفط التي يعملون على تكريدها، فخرجوا بتظاهرات يطالبون فيها بتأجيل الانتخابات المحلية في المدينة. وأخيرا انسحبت الأحزاب العربية في كركوك من الانتخابات المحلية بحجة السماح للمهجرين الأكراد بالتسجيل فيها.
واستقر التركمان وغالبيتهم من المسلمين ويمثلون 2 في المئة من السكان منذ القرن الحادي عشر وتربطهم علاقات ثقافية ولغوية أوثق مع تركيا. ويعيش غالبية التركمان في شمال العراق حول الموصل وكركوك وهما المدينتان اللتان يعتبرونهما قاعدتهم التاريخية والثقافية. وانضمت بعض أحزاب التركمان إلى قائمة الائتلاف العراقي الموحد.
وتعول الأحزاب المسيحية على مشاركة المغتربين من أبناء طوائفها الذين يفوقونهم عددا للفوز بمقاعد كافية في المجلس الوطني من أجل ضمان حقوقهم. ويأمل قادة تلك الأحزاب أن تساعدهم أصوات المغتربين في الفوز بمقاعد كافية الأمر الذي من شأنه أن يدعم تأكيد هويتهم التاريخية.
وعلى رغم كل هذه التعقيدات والصعوبات والمخاطر التي تحيط بالانتخابات بلغ عدد الكيانات السياسية المتنافسة فيها 111 حزبا وقائمة مستقلة وتحالفا سياسيا يسعى كل منها إلى الفوز بأكبر عدد ممكن من مقاعد المجلس الوطني الذي سيمارس دور السلطة التشريعية في البلاد خلال ثلاث سنوات مقبلة ويضع خلالها الدستور الدائم.
وفي مقدمة السباق الانتخابي يأتي "تحالف العراق الموحد" وهو تحالف يضم أقوى الأحزاب الشيعية بالإضافة إلى ممثلين عن عدد آخر من الأحزاب الصغيرة وشخصيات شيعية مهمة بالإضافة إلى مرشحين غير شيعة.
ومن أبرز شخصيات قائمة التحالف رئيس المؤتمر الوطني أحمد جلبي الذي كان فرس الرهان لوزارة الدفاع الأميركية "البنتاغون" في عراق ما بعد صدام خلال فترة الإعداد للغزو الأميركي.
ويحظى تحالف العراق الموحد بدعم غير مباشر من المرجع الديني في العراق السيد علي السيستاني وهو ما يعطيه قوة كبيرة في أوساط الناخبين الشيعة الذين يشكلون أكبر كتلة انتخابية في العراق.
والتحالف الثاني هو "التحالف الكردي" الذي يضم الأحزاب الكردية بما في ذلك الحزبين الرئيسيين وهما الحزب الديمقراطي الكردستاني بقيادة مسعود البرزاني والاتحاد الوطني الكردستاني بقيادة جلال الطالباني إلى جانب عدد من الأحزاب والتجمعات الكردية الأصغر.
التحالف الثالث هو "القائمة العراقية" التي يقودها حزب الوفاق الوطني بقيادة رئيس الوزراء العراقي اياد علاوي وهو السياسي صاحب العلاقة الطويلة مع وكالة المخابرات المركزية الأميركية. ويأمل علاوي في الحصول على غالبية مقاعد المجلس الوطني من أجل الاستمرار في منصبه رئيسا للوزراء لذلك فهو يقدم نفسه باعتباره المرشح الذي يمكنه تحقيق الحد الأدنى من الاتفاق بين مختلف الفصائل.
"الحزب الشيوعي" هو أحد أقدم الأحزاب المعروفة التي تخوض الانتخابات. فقد تأسس العام 1934 وتعرض على مدى تاريخه لحملات مطاردة مستمرة من مختلف الحكومات التي تعاقبت على بغداد في العصر الحديث ولم يلتقط أنفاسه إلا فترات قليلة للغاية في أعقاب ثورة عبدالكريم قاسم والإطاحة بالحكم الملكي العام .1958
وعلى رغم أن الحزب تأسس على قاعدة مبادئ الماركسية اللينينية في الماضي فإنه اليوم يتبنى مبادئ الاشتراكية الديمقراطية، وتوجد قواعد تأييد الحزب في صفوف فقراء العراق.
والملاحظة المهمة للغاية في هذه الانتخابات هي الغياب الواضح للتمثيل السني، إذ تخلو المعركة فعلا من وجود قائمة أو تحالف يمثل العرب السنة بصورة واضحة في ظل قرار سني غير مكتوب بمقاطعة هذه الانتخابات.
وكان رهان مفوضية الانتخابات والحكومة العراقية وسلطات الاحتلال الأميركي على الحزب الإسلامي بزعامة محسن عبدالحميد الذي سبق له المشاركة في مجلس الحكم الانتقالي ولكنهم خسروا الرهان بعد أن قرر الحزب مقاطعة الانتخابات بعد رفض طلبه تأجيل إجرائها لمدة ستة أشهر بسبب الأوضاع الأمنية المضطربة التي لا تسمح بإجراء انتخابات سليمة وفقا لموقف الحزب المعلن.
وعلى رغم ذلك، هناك بعض الشخصيات السنية التي تحاول الحصول على مكان في هذه المعركة مثل وزير الخارجية الأسبق عدنان الباجه جي الذي كان عضوا في مجلس الحكم الانتقالي والرئيس العراقي غازي الياور الذي يتزعم "اللائحة العراقية". ولكن وجود هذه الشخصيات ليس كافيا لتبديد حقيقة أن هذه الانتخابات تجرى في ظل غياب حقيقي للسنة.
ومن المرجح أن تثير الحكومة التي سينصبها المجلس الوطني غضب المسلحين والمتطرفين السنة شأنها شأن حكومة علاوي الحالية. وسيظل دائما في العراق خطر نشوب صراع مسلح على السلطة فور انتهاء الانتخابات.
وتصب العملية الانتخابية في صالح الأقليات العرقية والأكراد. ولا يعود نظام التمثيل النسبي المتبع بالفائدة على الأقلية السنية إذ يتوقع أن يكون معدل الإقبال على التصويت منخفضا في المناطق التي تسكنها.
- رئيس الوزراء العراقي إياد علاوي يقود "القائمة العراقية" وتضم 240 مرشحا.
- الرئيس غازي الياور يقود قائمة "عراقيون" التي تضم 80 مرشحا.
- قائمة "لائحة الائتلاف العراقي الموحد" التي تحظى بمباركة المرجع الديني السيدعلي السيستاني وتضم 228 مرشحا.
- "قائمة التحالف الكردستاني" تضم 165 مرشحا يمثلون خصوصا الحزبين الرئيسيين الحزب الديمقراطي والحزب الوطني الكردستانيين.
- قائمة "جبهة تركمان العراق" تضم 63 مرشحا.
- قائمة تجمع الديمقراطيين المستقلين بزعامة عدنان الباجه جي تضم 70 مرشحا.
- قائمة الحزب الوطني الديمقراطي بزعامة نصير الجادرجي تضم 12 مرشحا.
- تقدم المسيحيون بثلاث قوائم: التحالف الديمقراطي الرافدين "12 مرشحا"، وحزب الاتحاد الديمقراطي الكلداني "12 مرشحا"، والتجمع الوطني الآشوري "15 مرشحا". كما تقدم اليزيديون بلائحة تضم 12 مرشحا.
- لائحة حزب الأمة العراقي الديمقراطي بزعامة مثال الآلوسي، الذي يحبذ تطبيع العلاقات مع "إسرائيل"، تضم 25 مرشحا.
- لائحة الحركة الملكية الدستورية تضم 275 مرشحا
العدد 877 - السبت 29 يناير 2005م الموافق 18 ذي الحجة 1425هـ