اتسعت دائرة الصراع التنافسي بين القوائم الانتخابية العراقية مع اقتراب موعد تصويت الناخبين في نهاية الشهر الجاري، واخذ هذا الصراع يتطور إلى حملات تشهير وفضائح، ربما تترك آثارها على طبيعة العملية الانتخابية، فقد امتنع الكثير من العراقيين الذين كانوا الى وقت قريب متحمسين للمشاركة في هذه العملية عن الذهاب الى مراكز التسجيل لتسجيل اسمائهم وذلك بسبب حال الاحباط التي صدموا بها بعد ان نشر البعض من ممثلي هذه القوائم غسيلهم القذر على الملأ، واتضح ان نسبة كبيرة جدا من العراقيين بدأوا يتحفظون على المشاركة في هذه العملية، ومع ذلك فإن المفوضية العليا المستقلة للانتخابات اعربت عن تفاؤلها بعد تمديد التسجيل وربما يساعد ذلك في مشاركة المزيد من الناخبين في غضون الايام الأخيرة المقبلة.
اما منظمة الهجرة فقد وضعت تقديرات وصلت إلى حدود المليون ونصف المليون من العراقيين الذين سيشاركون في العملية الانتخابية بعد تسجيل اسمائهم في الخارج، ومعلوم ان العدد الكلي للعراقيين في معظم انحاء العالم ربما يصل إلى اكثر من اربعة ملايين عراقي موزعين على القارات كافة وإلى الآن فقد سجل نحو 132 الف عراقي اسماءهم في مراكز التسجيل خارج العراق، إذ يوجدد 14 مركزا لتسجيل الاسماء في دول العالم.
وأعلى نسبة سجلت اسماءها في سجل الانتخابات هي في ايران إذ بلغ عدد العراقيين المسجلين هناك 33686 تليها نسبة المسجلين في السويد إذ بلغت 14008 واخيرا بريطانيا إذ بلغت .11498
عدد القوائم المتنافسة في الساحة الانتخابية يبلغ 111 قائمة، وقد قسمتها المفوضية العليا المستقلة الى ستة فئات، وفي ضوء هذه القوائم والتقسيمات التي تضم بمجملها 7471 مرشحا، بدأت مراكز الاستطلاع تبث استطلاعاتها بشأن النتائج المحتملة ما بعد الانتخابات. وآخر استطلاع اشار الى ان قائمة الائتلاف العراقي الموحد "القائمة الشعبية" ستحصل على 112 مقعدا وقائمة الائتلاف الكردي على 41 مقعدا وقائمة اتحاد الشعب "الشيوعي" على 76 مقعدا والاحزاب القومية على 4 مقاعد والحزب الاسلامي على 9 مقاعد اما القائمة العراقية "الوفاق" فتحصل على 17 مقعدا وشخصيات واحزاب اخرى على 15 مقعدا، ويكون مجموع هذه المقاعد 275 مقعدا.
هذا هو افتراض ربما يقترب من الواقع او يبتعد عنه، فالمتغيرات الاخيرة قد تعزز اوضاعا اخرى تؤثر على طبيعة التصويت والنسب المفترضة، وخصوصا ان المنافسة الشديدة التي اخذت طابعا تناحريا بين القوائم قد تغير من المعادلات المحتملة، ولاسيما ان هنالك حديثا بدأ يتسرب الى اوساط العراقيين بأن الاميركان قد لا يتفقون مع نتائج الانتخابات فيما اذا حققت القائمة الشيعية فوزا ساحقا.
السيناريوهات المطروحة حاليا عدة، منها ان الجانب الاميركي سيضغط على الاكراد الذين هم في موضع ضعف فيما يتعلق باستقلالية اقليمهم النسبية التي يحرصون على الحفاظ عليها كما هي حاليا، بأن يصروا على ابقاء معظم الطاقم الحكومي الحالي في الحكومة القادمة، ومن ثم الانفتاح على التيارات السنية وربما البعثية التي بدأوا يطلقون عليها مصطلح "البعثيون غير الصداميين" بالمشاركة في الحكومة القادمة والمساهمة في كتابة دستور البلاد الدائم، وبهذه الطريقة فإنهم يحصلون عبر الاكراد على نسبة مهمة من الاصوات في المجلس الوطني القادم، وفي الوقت نفسه سيلجأون إلى الاطراف الاخرى التي حصلت على اصوات قليلة لتشكيل ائتلاف اوسع من ائتلاف القائمة الشيعية لصوغ الوضع المقبل.
وهناك سيناريو آخر يتحدث عن ابعاد رجال الدين عن ادارة البلاد، من خلال عرقلة عمل المجلس القادم، فالاميركان لا يريدون بأي شكل من الاشكال ان تكون الواجهة السياسية في الدولة العراقية من رجال الدين، وسيصرون على اختيار تكنوقراط من الوسط الشيعي مع تطعيم الحكومة القادمة بتكنوقراط من الوسط السني ، على ان يكون علماء الدين الذين وردت اسماؤهم في القوائم الفائزة جزءا من المجلس الوطني وليس من الحكومة الجديدة. وتقول اوساط عليمة إن رئاسة الجمهورية ربما تحسم لصالح الأكراد ورئاسة الوزراء لصالح العرب الشيعة والوزارات السيادية ستكون مقسمة بين الشيعة والأكراد، اما السنة فستكون حصتهم الوزارات غير السيادية. ويبدو ان المباحثات السرية بين الجانب الاميركي والحكومة الحالية من جهة وبعض ممثلي التيار السني لم تنقطع، وهي متواصلة للبحث عن وسيلة تساعد في مشاركتهم بالحكم في فترة ما بعد الانتخابات، وكل ذلك سيتضح عن قريب
العدد 877 - السبت 29 يناير 2005م الموافق 18 ذي الحجة 1425هـ