عبرت جهات عدة عن قلقها من أن يؤدي بطء العملية الشريعية، إلى تأخر إصلاحات سوق العمل الذي يفترض البدء في تطبيقه - تدريجيا - مطلع العام المقبل، يسبقه البدء في الإصلاح الاقتصادي الذي يفترض أن يبدأ في الربع الثاني من العام الجاري، بعيد ندوة كبرى ثالثة تركز على الإصلاح الاقتصادي، على غرار ندوة سبتمبر/ أيلول الماضي عن إصلاح سوق العمل.
وبحسب الخطة المعلنة، فإن مجلس التنمية الاقتصادية الذي يشرف على الإصلاح الثلاثي الأبعاد "سوق العمل، الاقتصاد، التعليم والتدريب"، سيقدم تشريعات برنامج سياسية إصلاح سوق العمل إلى مجلس الوزراء قبل نهاية أبريل/ نيسان المقبل، وبعد موافقته، ستحال إلى المؤسسة التشريعية لإقراها، ليبدأ التنفيذ بحلول يناير/ كانون الثاني .2006
ويتطلب تنفيذ خطة إصلاح سوق العمل انجاز تشريعات تتعلق بإنشاء هيئة سوق العمل، وصندوق العمل، وهو ما يتطلب تدخلا تشريعيا، يتخوف الكثيرون من أن يؤخر التنفيذ، إضافة إلى إجراء تعديلات في قانون العمل، الذي بذلت وزارة العمل، واتحاد العمال، وغرفة التجارة وقتا طويلا في مناقشته، يمكن أن يعتبر "بلا جدوى"، بعد أن أحيل الملف إلى مجلس التنمية الاقتصادية، الذي كلف شركة محاماة عالمية لكتابة قانون العمل بما ينسجم ومسار الإصلاح المنشود، وقدرت كلفة الشركة المذكورة بثمانمئة ألف دولار.
وتتركز المخاوف بشأن التأخير في طبيعة عمل المؤسسة التشريعة التي يوصف أداؤها بـ "البطئ"، بسب تكوينها من غرفتين إحداهما معينة والأخرى منتخبة، يجب أن تقر كل منهما القوانين المعروضة عليها لتأخذ صفة الشريعة، فيما تشير آخر الإحصاءات إلى أن عدد المشروعات بقوانين المحالة من الحكومة إلى مجلس النواب بلغ نحو 103 مشروعات، تم مناقشة 43 منها، إضافة إلى نحو مئة مقترح بقانون، قدمها الأعضاء المنتخبون والمعينون، وهذه يتأخر انجازها أكثر من مقترحات الحكومة، بسبب فهم للمادة 92 من الدستور، يعطي مجلس الوزراء من خلالها الحق لنفسه في الاحتفاظ بالمقترح لمدة سنتين، ما جعل "انجاز البرلمان التشريعي يساوي صفرا"، في هذه الحالات، ما يطرح أسئلة أكثر حرجا للمؤسسة التشريعية عن مصير مقترحات القوانين التي يقدمها أعضاء المجلسين في الدور الحالي "الثالث"، والمقبل "الرابع"، إذا كانت المقترحات المقدمة في الدورين الماضيين لم تنجز.
ويستهدف برنامج إصلاح سوق العمل التعاطي مع مشكل البطالة، في ظل توقعات شركة "ماكينزي" "الشركة الاستشارية التي أعدت دراسة سوق العمل بكلفة تقارب أربعة ملايين دولار"، بأن يكون ثلث البحرينيين بلا عمل إذا استمرت الأوضاع كما هي.
وتستند الخطة على فتح سوق العمل، ورفع كلفة العامل الأجنبي، بما يجعل العامل المواطن مفضلا للقطاع الخاص، من خلال زيادة كلفة العامل الأجنبي، لتصل إلى 600 دينار مقابل تصريح العمل كل سنتين، إضافة إلى رسم شهري مقداره 75 دينارا عن كل عامل وافد.
ويبدو دور المؤسسة التشريعية جوهريا بالنسبة إلى إنجاز تشريع لإنشاء هيئة سوق العمل، التي ستقوم بدورين أساسيين "تطوير سياسات سوق العمل، والقيام بدور المحطة الواحدة في إدارة سوق العمل". ما يعني أن الهيئة ستمارس دورا اقتصاديا، وآخر سياسيا، ويتمثل في تحديد عدد الأجانب في البحرين، من خلال الإدارة العامة للهجرة والجوازات، التي ستطالها "تغييرات مهمة".
ويعد إصلاح سوق العمل، أحد أضلاع مثلث الاصلاح الشامل، الذي يتضمن أيضا إصلاح الاقتصاد، وإصلاح التعليم والتدريب. ويتوقع على نطاق واسع أن يعقد مجلس التنمية الاقتصادية ندوة كبرى، في فبراير/ شباط المقبل، تناقش الاصلاح الاقتصادي، الذي يستهدف "وضع خطة اقتصادية رئيسية من أجل تنشيط حركة النمو الاقتصادي وخلق وظائف جديدة" للمواطنين.
وتشير مصادر مجلس التنمية الاقتصادية إلى أن الاصلاح الاقتصادي يتضمن عنصرين: "إزالة عوائق السوق التي تلجم عملية النمو والانتاجية والتوظيف من قبل القطاع الخاص "..."، وتنشيط النمو الاقتصادي في أكثر القطاعات الواعدة"، ولم يحدد المجلس هذه القطاعات، لكنه قال إنه سيتم وضع قائمة صغيرة تضم ثلاثا إلى خمس مبادرات خاصة بالنمو، ومناقشتها مع الأطراف ذات العلاقة خلال الربع الأول من العام الجاري، على أن تبدأ عملية التنفيذ في الربع الثاني منه. ويمتدح كثيرون أداء مجلس التنمية الاقتصادية لجهة تواصله مع القطاعات المختلفة، بيد أن أسئلة كبيرة مازالت تنتظره، في ظل تحفظ بعض أطراف الأسرة التجارية والصناعية على مشروع الاصلاح، إذ اعتبروه ضارا بمصالحهم، ويمثل هؤلاء لوبيا ضاغطا لا يمكن الاستهانة بتأثيره.
كما يتساءل المتحمسون للمشروع عن مدى القدرة على التنفيذ الحصيف، بما فيها إدارة أموال الصندوق، وهل سيضيع كما ضاعت أموال التدريب
العدد 877 - السبت 29 يناير 2005م الموافق 18 ذي الحجة 1425هـ