أكدت مصادر مطلعة في المجلس البلدي للمنطقة الوسطى أن أي مشروع سيقر تنفيذه في منطقة "فشت العظم" البحرية لن يتم البدء فيه إلا إذا اكتمل إنشاء "جسر المحبة" المزمع إنشاؤه للربط بين مملكة الحرين ودولة قطر الشقيقة.
وبينت المصادر أن وجود الجسر ضروري للبدء في المشروع الإسكاني الذي يدرسه المجلس البلدي إذ إن "فشت العظم" سيكون أحد المحطات الرئيسية للجسر.
من جانبها اعتبرت رئيسة جمعية أصدقاء البيئة خولة المهندي أن ضحالة مياه فشت العظم هي السبب الكامن وراء تفكير المسئولين في ردمه تقليصا للكلفة، واصفة هذا السبب بـ "السخيف جدا" متسائلة عن معيار الخسارة والربح في مثل هذه المشروعات، إذ قالت: "هل حرمان شعب بكامله من التمتع بهذه الثروة السمكية يساوي مشروعا إسكانيا ربما يستفيد منه عدد بسيط؟".
من جانبها كشفت الهيئة العامة لحماية الثروة البحرية والبيئة والحياة الفطرية أنها ستقف ضد المشروع المزمع إنشاؤه على المنطقة الخاصة بفشت العظم وناقشت الهيئة ممثلة في رئيسها محافظ الجنوبية سمو الشيخ عبدالله بن حمد آل خليفة هذا الموضوع في لقاء مع رئيس جمعية حماية الحياة البحرية الشيخ خالد بن حمد آل خليفة ومنسق العلاقات العامة في النقابة العامة للعاملين حسين المغني، ورئيس الجمعية الأهلية للهوايات البحرية غازي عبدالعزيز المرباطي.
وأكد سموه في اللقاء أنه من الضروري العمل بجد على حماية "فشت العظم" والحفاظ على الموائل البحرية النادرة كونها بيئة طبيعية جمالية، مؤكدا سموه حرصه على الحفاظ على البيئة الطبيعية.
يذكر أن "التكتل البيئي لحماية فشت العظم" وهو مجموعة من الجمعيات والجهات المهتمة بالبيئة من بينها "جمعية أصدقاء البيئة، جمعية حماية الحياة البحرية، الجمعية الأهلية للهوايات، ونقابة الصيادين" زاد من فعالياته الخاصة برفض ردم الفشت وتجاوبت معه جمعيات ومؤسسات عدة.
في الموضوع ذاته أعرب النائب محمد عباس آل الشيخ عن دعمه للجمعية بهدف حماية فشت العظم وغيره من الموائل البحرية المهمة واعتبر ذلك قضية وطنية بالدرجة الأولى على الجميع أفرادا ومؤسسات دعمها، مؤكدا وقوفه ضد أي تحرك من شأنه أن يؤثر على البيئة البحرية التي يعتمد عليها الصيادون مشددا على أنه سيستخدم كل الوسائل النيابية المتاحة للحيلولة دون تنفيذ أي مشروع يجر الويلات على المواطن البحريني في المستقبل.
وقال منسق العلاقات العامة في نقابة الصيادين حسين المغني: "إن هنالك اعتراضا شديدا من النقابة على فكرة إنشاء مشروع إقامة مدينة سكنية على مساحة 850 هكتارا في منطقة فشت العظم". وأشار إلى أن ذلك يعتبر تدميرا لأفضل بيئة بحرية في البحرين والتي يعرف عنها أنها زاخرة بشتى أنواع السمك.
وأضاف المغني في رده "إن هذا الفشت من المناطق المهمة التي تربى فيها الأسماك وتغذي أسماكها معظم أسواق البحرين. فإذا ما دفنت فمن أين يأكل المواطنون الأسماك؟! وكيف يجوز أن توفر للناس مسكنا على حساب المخلوقات المائية التي يستفيد منها كل الشعب البحريني"؟. وبين المغني أن مئات البحارة يعتمدون في رزقهم على هذه المنطقة "فأنت إذا دفنت هذا المجال فقد قطعت أرزاق هؤلاء أم أن هؤلاء بسطاء وفقراء لا يهمون المجلس البلدي والمسئولين؟" واعتبرت النقابة المشروع كارثة تؤثر على كل البحرينيين في المستقبل. وأكد المغني أن "المساحة البحرية للمملكة محدودة جدا فإذا دفن الفشت المذكور نكون هنا أوقعنا الضرر على جميع الكائنات البحرية لكون الفشت الملجأ الرئيسي لها فضلا عن أن الأسماك هي الملجأ الوحيد للشعب في الأزمات سواء السياسية أو الصحية إذ يقل حينها استيراد اللحوم والدجاج ولاسيما في فترات الحروب أو إصابة الدواجن والمواشي بالأمراض التي يسمع عنها كثيرا هذه الأيام". وعن إنشاء فشت صناعي بديل قال المغني: "مثل هذا التوجه يبعث على السخرية ولاسيما لمن يفقهون أصول وماهية الفرق بين الفشت الصناعي والطبيعي". ولام المغني أعضاء مجلس بلدي الوسطى قائلا: "لقد انتخبناهم ليعينونا على المشكلات فأصبحوا يخلقونها لنا والأولى أن يبحثوا عن مشروعات تنفع ولا تضر".
وقال المغني: "إن هنالك الكثير من الأراضي البديلة على اليابسة في البحرين، فالمعروف أن المناطق المسكونة على اليابسة لا تتعدى ربع جزيرة البحرين الأم.
تتركز أهمية "فشت العظم" في أنه يعتبر موقعا غنيا بالشعاب المرجانية والكائنات البحرية المتنوعة، بالإضافة إلى أنه بيئة طبيعية للطيور البحرية والمهاجرة وبعض أنواع الثدييات ومئات من القشريات وكذلك أنواع كثيرة من الأعشاب والنباتات البحرية النادرة التي تحولت إلى ثروة مهمة في الوقت الحالي للكثير من البلدان، كما أن موقع فشت العظم يشكل مصنعا طبيعيا متجددا لمليارات اليرقات بأنواعها المختلفة، وأندر أنواع الروبيان تتوافر فيه، أما بالنسبة إلى الأسماك، فالمنطقة تعتبر نظاما بيئيا فريدا من حيث أنواع الأسماك الجيدة كالصافي الأخضر اللون ذي الرائحة والنكهة الطيبتين، إلى جانب أنواع الأسماك الأخرى التي تكون أغلى سعرا في هذه البقعة المائية، كذلك فإن الموقع يتميز بخاصيتي المد والجزر والتباين الواضح بين عمق وضحالة المياه من مكان إلى آخر.
وفشت العظم هو عبارة عن شعب مرجانية توفر ثلاثة أمور مهمة للثروة البحرية، أولها الطعام للكائنات الحية من خلال حماية بيئة الحشائش، وثانيها بيوت للتكاثر، وثالثها الحماية للسواحل من التخريب بفعل قوة التيار المائي فضلا عن أن الفشت يمثل - بحسب بعض الدراسات العلمية - أهم موئل بحري للثروة البحرية في البحرين، إذ يشغل مساحة 85 كيلومترا مربعا من البحر شرقي المنامة وحتى قرية جو جنوبا.
ويذكر أن فشت العظم هو ثاني أكبر فشت في مملكة البحرين. ويغطي المرجان 15 في المئة من مساحته ويعتبره صيادو الأسماك في البحرين المصدر الأهم للثروة السمكية وتشير الدراسات الى أن نحو 30 نوعا من المرجان يوجد في مياه البحرين وأن الفشوت تحوي أنواعا حيوانية أخرى كثيرة منها 55 نوعا من الأسماك التي تعتمد على الفشوت في غذائها أو مأواها أو تكاثرها ولا تقوم حياتها من دون الشعاب المرجانية.
كما يعتقد أن وجود فشت العظم له الفضل في دعم البيئات الساحلية على الساحل الشرقي للبحرين وكذلك بيئات الحشائش البحرية التي تكثر فيها حيوانات عرائس البحر "dugongs" إلى الجنوب من الفشت. كذلك بينت الدراسات الأخيرة أن فشت العظم يتعرض لضغوط وإجهادات بيئية صعبة بسبب الآثار المترتبة على عمليات الحفر والردم والتجريف وشفط الرمال وغيرها من الأنشطة البشرية ما يزيد من فرصة انهياره في حال تعرضه لكوارث طبيعية أو بشرية جديدة.
وأظهرت الإحصاءات الحديثة الصادرة عن إدارة الثروة البحرية بالهيئة العامة لحماية الثروة البحرية والبيئة والحياة الفطرية، ان الأسماك المصدرة من مملكة البحرين خلال العام 2003 - 2004 بلغت 7193 طنا متريا وبقيمة تعادل 4 ملايين و34 ألف دينار وأكدت مصادر في الإدارة أن هذا الحجم من الصادرات سيقل بشكل كبير مستقبلا فيما إذا تقرر ردم الفشت
العدد 877 - السبت 29 يناير 2005م الموافق 18 ذي الحجة 1425هـ