العدد 876 - الجمعة 28 يناير 2005م الموافق 17 ذي الحجة 1425هـ

العراق عشية الانتخابات العامة

فايز سارة comments [at] alwasatnews.com

.

كيف تبدو صورة العراق عشية الانتخابات العامة التي تجرى الأسبوع المقبل؟ سؤال مهم سيظل لوقت طويل يحفر في ذاكرة العراقيين والمهتمين بالموضوع العراقي، ذلك ان صورة عراق الغد لن تكون منفصلة عن عراق اليوم، بل ان عراق اليوم سيظل لوقت طويل يفرز تأثيراته الايجابية والسلبية على مستقبل العراق.

في صورة العراق اليوم، مفاصل اساسية، لعل الابرز منها ان هناك رغبة لدى العراقيين في الخروج مما آلت اليه حالهم وبلدهم، لكن هذا الاتفاق العام، لا يذهب بالعراق الى ابعد من ذلك، إذ العراقيون مختلفون في الطريق الى المخرج، البعض يراها عبر القوة المسلحة من خلال مقاومة الاحتلال والسلطة العراقية، التي تمثلها الحكومة المؤقتة، وطرف آخر يراهن على طريق سياسي، يتجنب العنف وصراعاته، آملا الخروج بالعراق من واقعه عبر تسوية سياسية مع المحتلين، اما الطرف الثالث وتمثله السلطة، فيرى ان مخرج العراق، انما يكون من خلال التعاون والتفاهم مع الولايات المتحدة والمؤسسات الدولية بما فيها الامم المتحدة.

وتصطف القوى السياسية والاجتماعية في العراق التي يبلغ عددها مئات من الجماعات المتعددة الايديولوجيات والاتجاهات السياسية، طبقا للتصنيف العام في الموقف من كيفية خروج العراق من واقعه الراهن، لكن هذه الجماعات وبحكم العوامل المكونة لها، تملك المزيد من الحساسيات في تحديد مواقفها وسياساتها وتحالفاتها، بل وفي تغيير المواقف والسياسات والتحالفات نتيجة تطورات سياسية، قد لا تكون مبدأية.

وبالاستناد الى الصورة العامة، يمكن التوقف عند بعض التفاصيل، في الموقف من اجراء الانتخابات، التي وان جرى الاعلان، ان العراقيين السنة سيقاطعونها، فان غالبية الاكراد والتركمان السنة سيشاركون فيها، ويقابل ذلك قول ان العراقيين الشيعة سيشاركون في الانتخابات بكثافة كبيرة، وهو امر لا يتعدى التخمينات حاليا، لانه ما لم تجر الانتخابات، فليس بالامكان الجزم واصدار احكام حول المشاركة فيها.

ويشكل استمرار العنف الدموي في العراق جحيما، يلقي بظلاله على صورة العراق عشية الانتخابات، وهو عنف ينقسم الى عنف تتابعه القوى المحتلة - واحيانا بمشاركة قوات الحكومة العراقية - ضد العراقيين مدنا وجماعات وأفرادا تحت شعار "مكافحة الارهاب" و"التصدي للمتمردين"، فيما يأخذ العنف الذي تتابعه الجماعات المسلحة شكل عمليات متعددة الاهداف، بعضها عمليات عشوائية تنال المدنيين العراقيين اساسا، وبعضها منظم موجه ضد عناصر الأمن والجيش العراقيين، والباقي منظم كسابقه وموجه ضد قوى الاحتلال.

وبطبيعة الحال، فان استمرار العنف - الذي ينتظر ان يتصاعد مع الانتخابات - سيؤثر بصورة سلبية على الانتخابات، لانه سيمنع مشاركة بعض الراغبين بالمشاركة على نحو ما أدى الى منع بعض المرشحين من اعلان ترشيحهم وفق معلومات شائعة، وهو بهذا المعنى لعب دورا مهما في الانتخابات قبل ان تحصل، وسيستمر حضوره في خلالها، وسيكون مؤثرا على نتائجها.

وواقع الانقسامات داخل السلطة العراقية، هو جزء من صورة العراق عشية الانتخابات. وهناك خلافات جرى تداولها بين الرئيس العراقي عجيل الياور ورئيس الوزراء اياد علاوي، وثمة خلاف ملحوظ بين حكومة علاوي ووزير دفاعها حازم الشعلان، الذي يخوض صراعا حادا مع احمد الجلبي احد رموز المرحلة الاميركية في العراق، وتشكل هذه الخلافات الظاهر من خلافات اوسع حاضرة بين افراد وجماعات الحكم المؤقت الذي يحاول كل اركانه ضمان حصة أفضل من المؤيدين في نتائج الانتخابات المقبلة، وهو امر سيؤثر على مجريات الانتخابات وعلى نتائجها وغالبا على نزاهتها.

وثمة جانب آخر من تفاصيل صورة العراق الراهنة، وهو تأثير الوجود الاجنبي والاميركي في العراق، وهو وجود سياسي وعسكري له تأثير من شأنه ان يترك ظلاله على الانتخابات العراقية في تفاصيلها جميعا، بحيث يمكن ان يمنع، وان يشجع ناخبين، وقد يؤدي الى تلاعب في نتائج الانتخابات وفقا لقدراته المتعددة دون ان يستطيع ان يمنعه احد.

ان صورة العراق قبيل الانتخابات العامة، تضعف الامل في ان تؤدي الانتخابات الى نتائج تقلب صورة العراق الحالي، او ان تضعه على قاعدة تبدلات جوهرية في واقعه ومستقبله، غير انها في الجانب الاهم منها ربما ستدفع العراقيين مجددا للسعي الى حوار وتفاهمات تخرج العراقيين من ظلامات الاحتلال، وترسم من جهة ثانية مستقبلا أفضل للعراق

العدد 876 - الجمعة 28 يناير 2005م الموافق 17 ذي الحجة 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً