العدد 876 - الجمعة 28 يناير 2005م الموافق 17 ذي الحجة 1425هـ

كيف يواجه الآباء انفعالات أبنائهم المراهقين النفسية؟

سلوى المؤيد comments [at] alwasatnews.com

.

كلنا نعلم أن مرحلة المراهقة هي مرحلة انتقالية في حياة الإنسان يعبر من خلالها من سن الطفولة إلى سن الرشد. .. فهو عندما كان طفلا كان يعتمد على والديه اعتمادا كليا... لكنه بمجرد دخوله مرحلة المراهقة... نراه راغبا في أن يستقل بنفسه كالكبار... إلا أنه يقع عندئذ في تناقضات قد تكون عنيفة أو هادئة... لكنه مضطر إلى أن يعيشها بكل مشاعره وبكل ما تسببه له من اضطراب نفسي.

وبما أن المراهق لا يفهم لماذا يشعر بكل هذه الدوافع القوية المتدفقة في أعماقه فإنه يصاب بالاحباط الشديد فيثور بحسب درجة اليأس والاحباط لديه... هذا إلى جانب إحساسه بالقلق على مستقبله... إذ انه لا يملك القدرة أو الخبرة لكي يوجه نفسه نحو بناء المستقبل الذي يريده... أي أنه لا يستطيع بما لديه من خبرة ضئيلة أن يحدد الشكل النهائي الذي سيكون عليه جسما وعقلا ومركزا عندما يكبر ويصل إلى سن النضج.

إذن من الأفضل أن نتعرف كآباء على ما يشعر به المراهق من انفعالات نفسية تطرأ عليه في تلك الفترة من نموه... ونستطيع أن نلخصها في الآتي:

1- شعور المراهق بالعنف وعدم الاستقرار:

هذه المشاعر هي أهم ما تتميز به فترة المراهقة... مشاعر متوترة تجتاح مشاعر المراهق... فيشعر بالعنف وعدم الاستقرار... خصوصا في السنوات الأولى من المراهقة... فنراه أحيانا يمزق ملابسه عندما يغضب... وأحيانا يؤذي نفسه وممتلكاته بانفعاله... أما إحساسه بعدم الاستقرار فنلاحظه في إحساسه تارة باليأس وتارة بالأمل الواسع والأهداف العريضة والثقة بالنفس... ثم يعود مرة أخرى إلى عدم إحساسه بالثقة في نفسه... وأحيانا نراه يتجه إلى التطرف في التدين... ثم ينقلب إلى الشك والصراع الديني... وهكذا.

ويعود ذلك كما يؤكد علماء النفس إلى تغييرات جسمية سريعة لديه... تنتج عنها دوافع جديدة عليه عارمة في نفسه... منها رغبته في الجنس وما يصاحبها من كبت وحرمان... كما يتجه المراهق أحيانا إلى العراك مع والديه أو من ينوب عنهم في رعايته... فيجعله ذلك الصراع يشعر بالذنب والقلق لأنه لا يعرف لماذا يتعارك... ولماذا يتصرف هكذا وكيف يواجه هذه الانفعالات التي تشتعل في أعماقه؟

2- الإحساس بالقلق والذنب:

يشعر المراهق بالقلق... والقلق معناه الخوف من المجهول أو الخوف بلا سبب يستدعي الخوف... فهو يقلق عندما يواجه دوافعه الجنسية... وكذلك عندما يتعرض للإثارة... ولأن الدوافع الجنسية بحسب التربية الشرقية مرتبطة لدى المراهق بمعاني القذارة والذنب أو مرض الإيدز والأمراض الناتجة عن ممارسته بأسلوب منحرف... كل هذه المعلومات التي يتلقاها من والديه أو مجتمعه تعتبر مخيفة بالنسبة له لذلك عليهم بتوعيته بشأن الأمور الجنسية بأسلوب علمي وبسيط وإلا ستصبح مصدر رعب لديه وستترسخ في عقله بالباطن عندما يشاء سوء حظه أن يصاب بنوبات من مرض الاكتئاب وهو لا يعلم بحقيقة مرضه... لذلك أنصح الآباء عندما يلاحظون أن ابنا لهم يعاني من الضيق بشكل متواصل ويبكي لأقل سبب... إلى جانب فقده لشهيته... بالتوجه فورا الى الطبيب النفسي لعلاج حالة الاكتئاب العقلي لديه حتى يتمكن عن طريق علاجه من وقف تلك الأفكار السوداء التي تسيطر على تفكيره طوال مدة النوبة ونوبات بعدها ستجعل هذه الأفكار السلبية تترسخ في عقله الباطن بما يصاحبها من تعذيب للذات ولومها... على شكل عقد نفسية سيكون لها تأثير سلبي على شخصيته وسيفقد معها إحساسه بثقته بنفسه وسيكره ذاته... بينما لو عولج الأبناء في الوقت نفسه سيتفادون كل ذلك وسيتمكنون من العودة إلى نشاطهم دون أن تترسب لديهم عقد نفسية. إن هذه المهمة مطلوبة أيضا من المدرسة للطلبة حتى لا يقع المراهق ضحية لمخاوف وقلق من دوافعه الجنسية دون داع.

3- تمركز تفكير المراهق حول ذاته:

وهذا معناه أن يعتقد المراهق أن ما يشغل تفكير الآخرين هو ما يشغل عقله... وهذا الإحساس يجعله يعتقد أن الناس تراقب مظهره وسلوكه مما يضايقه... خصوصا إذا كان المراهق من النوع الحساس ويعود ذلك إلى اعتقاده أنه يقع في بؤرة اهتمام الآخرين... وأحيانا يصل به إحساسه بهذا الشخص الوهمي إلى درجة تجعله يراجع كل كلام يتفوه به أو أي تصرف يقوم به... ويصل المراهق أحيانا إلى درجة الوهم بأن ذلك الشخص موجود فعلا... فيخاطبه بغضب عندما يكون وحده... وقد يشعر بالخجل والانطواء... إلا أنه أحيانا قد يحدث العكس للمراهق فيصبح معجبا بنفسه عندئذ يغذي ذلك الشخص الوهمي أفكاره فيزهو ويتصرف بطريقة صبيانية متفاخرة ولذلك لا يدرك لماذا ينتقده الكبار من حوله؟ لأنه لا يدرك مشاعر الآخرين إلا في ضوء مشاعره هو فنراه أحيانا يعجب بفتاة ويعتقد أنها معجبة به ويشعر بالصدمة عندما؟ يكتشف عكس ذلك وهذا ما يفسر لنا لماذا ينفعل كثيرا؟ خصوصا أنه يعتقد أن ما يمر به لا يمر به أحد غيره فنرى ذلك واضحا في عبارته التي يكررها المراهقون كثيرا "لا يفهمني أحد"... إلا أن ذلك الشعور يبدأ في الزوال عندما يصل إلى سن السادسة عشرة لأنه في هذه السن يصبح أكثر واقعية ويتعامل مع من حوله في ظل ذلك المفهوم الواقعي

إقرأ أيضا لـ "سلوى المؤيد"

العدد 876 - الجمعة 28 يناير 2005م الموافق 17 ذي الحجة 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً