في أيام العنصرية كان الإنسان الإفريقي لا قيمة له سوى أداة خاضعة لأوامر وسلطة البيض.

كان يعمل على أرضه لكن في حقل أو مزرعة ليست ملكه... كان يصم آذانه حتى لا يضرب بسوط صاحبه السيد الأبيض... كان لا يفتح فمه إلا عندما يطلب منه ذلك... يفعل هذا وذاك من دون أن يقوى على أن يقول رأيه بالنفي أو الإيجاب، حتى بناته وزوجاته تنتهك عروضهن وتغتصب من دون وجه حق أو يقوى هذا الإفريقي أن يدافع عن حقه وشرفه، بل وبدلا من ذلك يكرم صاحبه أو المعتدي المتسلط المحمي بسلطة القانون وبنظام "الابرتايد" "الفصل العنصري" بمكافآته بأرض وهكتارات أخرى تضاف إلى مقاطعاته.

فالإفريقي كان محرما عليه نعمة الاختيار أو يترك عمله أو يفعل أي شيء لأنه ببساطة كان مملوكا وهلاكه كان منتظرا إن فكر في ذلك.

هذا الفصل ما هو إلا من جزئيات تاريخ العنصرية في الجنوب الإفريقي تحديدا ومثالا يعاد في واقعنا المعاش لكن في صور وأشكال أخرى لمفهوم الاستعباد.

فحماية المصالح وتعزيز شبكة الفساد هي مشاهد أخرى تعاش في عدد من الأوساط المهنية في بلد صغير جدا ومتشابك في مشكلاته مثل البحرين.

فإن كان هناك كلام كثير واحتجاج كبير لتعزيز ممارسات الطائفية داخل مجتمعنا فإن ثقافة الفساد إلى "الابرتايد" متربعة في صور مختلفة وهي أيضا متفشية بسبب غياب المبادئ.

فالمسئول والطبيب والمهندس والمحامي وغيرهم جميعهم يتعرض للنقد وأحيانا يكون في محل اتهام من قبل أقلام الصحافيين لكن قلما عرف هؤلاء فمن فيهم القارئ ان واقع الصحافيين ليس مثاليا وانهم واقعا عرضة لنقد كثير. للأسف الصحافي البحريني لا يملك الجرأة الكافية لنقل واقعه المهني على صفحات الصحف.

كما ان السياسات الخاطئة للبلاد أسهمت في التجني على مهنة الصحافة وأيضا في تدني وسائل الاعلام المختلفة... حتى أصبحت البحرين السباقة المتأخرة والمتخلفة جدا في هذا المجال، والفضل طبعا يعود إلى موروثات الوزارات السابقة التي لاتزال بعض عناصرها حتى اليوم تمارس مبادئها وأدوارها المخجلة!

هذا الواقع المهني للوسط الصحافي ليس بعيدا عن العبودية ومهرجاناتها وممارساتها فمن الخوف على لقمة العيش إلى تضارب لعبة المصالح ونقل وقائع مغلوطة قد نحظى خلطا عجيبا من الصحافيين وولاء عميانيا يؤخر في الحصول على حقوق تنصف الصحافي في البحرين