العدد 876 - الجمعة 28 يناير 2005م الموافق 17 ذي الحجة 1425هـ

أمطار الإصلاح "تنهمر"

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

نحتاج حاليا إلى مؤسسات لرصد مشروعات الإصلاح التي تنهمر علينا كما ينهمر المطر في بعض الاحيان. ففي الوقت الذي نتحدث فيه عن منتدى "دافوس" والتشريح الذي يجرى هناك لأسباب العلل والضعف المستشري في جسد الشرق الاوسط، وفي الوقت الذي يتحدث فيه الاتحاد الأوروبي عن "عملية برشلونة" مع الدول المطلة على البحر الابيض المتوسط، وفي الوقت الذي ترفع فيه أميركا شعار إصلاح "الشرق الأوسط الكبير"، في اثناء كل ذلك انعقدت في المنامة يومي الاربعاء والخميس الماضيين أعمال ورشة عمل تابعة إلى مشروع آخر لإصلاح دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.

المشروع المذكور دشنته منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، التي يسميها البعض بـ "نادي الاغنياء" لأنها تضم في عضويتها ثلاثين دولة ذات اقتصاد متطور، وتسيطر هذه الدول على نحو 60 في المئة من اقتصاد العالم. وهذه المنظمة يعود تاريخها لما بعد الحرب العالمية الثانية عندما طرحت أميركا "خطة مارشال" لإعادة بناء أوروبا المدمرة، ونشأت المنظمة أساسا لتوجيه الجهود التي فصلتها خطة مارشال. وانتقل حال المنظمة إلى ناد للأغنياد الذين يتطارحون الأفكار فيما بينهم ومن ثم يقدمونها كاستشارات إلى دولهم. ولكن المنظمة لها ادوار اخرى توسعت مع السنوات، وقد طرحت مبادرة للإصلاح المؤسسي في دول جنوب شرق أوروبا التي عانت من الحروب الأهلية "البلقان" في التسعينات من القرن الماضي. واعتبرت المنظمة ان لديها أنموذجا ناجحا لإصلاح مؤسسات الدولة وتوجيه الجهود لاجتذاب رؤوس الأموال الاجنبية لتنمية الاقتصاد في الدول التي تعاني من المشكلات المزمنة.

وفي الصيف الماضي طرحت المنظمة فكرة مشابهة لمبادرتها في جنوب شرق أوروبا على عدد من الدول في منطقتنا، وسارعت عدة دول، من بينها البحرين، إلى الاستجابة للمبادرة القائمة على أساس الطوعية والشراكة.

الغريب في الأمر هو الصمت المطبق الذي خيم على أعمال ورشة العمل التي انعقدت في البحرين، وهو سؤال اجاب عليه احد المسئولين عن المبادرة بأنهم يحبون العمل بدلا من الكلام الذي يرفع مستوى التوقعات ولكن الأداء قد يخيب ظن المشاركين اذا لم يبذلوا الجهد المطلوب. ومع ان الرد جميل، إلا أن مجلس التنمية الاقتصادية، وهو الطرف البحريني المعني بالمشاركة، عليه مسئولية كبيرة، وآن الأوان أن يتم تفعيله بعد أن طالت فترة غيبته. والفرصة الآن متوافرة بعد أن فصلت مهمة الاشراف على الاقتصاد عن وزارة المالية، ما يعني أن مجلس التنمية يستطيع أن يدشن برامجه بالقوة التي كان يودها.

مجلس التنمية طرح مشروع إصلاح سوق العمل، وهو في صدد إشهار مشروع الإصلاح الاقتصادي، وكل هذا يتقاطع مع مبادرة منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، وهذا التقاطع أمر جيد فيما لو استطاع المجلس أن يجير المشروعات لخدمة بعضها الآخر. ولكن الخشية هي في أن ينعدم التنسيق، بحيث تزداد المشروعات عن القدرة على إدارتها. ولكن المجلس يستطيع أن يتخطى المشكلة فيما لو فعل شراكته مع القطاع الخاص بشكل أكبر وأكثر وضوحا.

مجلس إدارة مجلس التنمية الاقتصادية يحتوى على أفراد من القطاع الخاص، ولكن قلما نسمع عن الأنشطة التي يقومون بها أو البرامج التي يشرفون عليها. ولقد كنت من السعداء عندما حضرت ورشة العمل التي دشنت مبادرة للاصلاح المؤسسي وكان مجلس التنمية يلعب دوره، على رغم غياب عدد من مسئوليه بسبب حضورهم في منتدى "دافوس". إننا بحاجة إلى مجلس تنمية يلعب دورا حقيقيا بإمكانه الاستفادة من طريقة عمل نادي الاغنياء ويستطيع أن يؤثر في توجيه السياسات في الدول الأعضاء

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 876 - الجمعة 28 يناير 2005م الموافق 17 ذي الحجة 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً