العدد 876 - الجمعة 28 يناير 2005م الموافق 17 ذي الحجة 1425هـ

جايغر: نؤمن بالعمل وتحقيق النتائج أولا

انطلاق مبادرة نوعية للإصلاح المؤسسي في الشرق الأوسط

بدأت أعمال مبادرة أخرى تشرف عليها منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية "نادي الدول الغنية" وتهدف إلى إصلاح دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا من خلال تدشين أعمال إحدى مجموعات العمل في البحرين في 26 و27 يناير/ كانون الثاني الجاري بحضور وفود وممثلين عن دول ومؤسسات من: البحرين، مصر، المغرب، فلسطين، الأردن، السعودية، الإمارات، تونس، الولايات المتحدة الأميركية، اليابان والاتحاد الأوروبي. وهذه المبادرة الإصلاحية هي الثالثة من نوعها في منطقة الشرق الأوسط بعد "عملية برشلونة" التي تربط الاتحاد الأوروبي والدول المطلة على البحر الأبيض المتوسط منذ ،1995 ومبادرة الشرق الأوسط الكبير "أو الموسع" الذي تشرف عليه الدول الصناعية الثماني بدءا من منتصف .2004

قال المسئول في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية راينر جايغر ان هذه المبادرة "تساند وتكمل جميع مشروعات الإصلاح الدولية والإقليمية والمحلية لأنها توفر الخبرات المؤسسية المطلوبة لتحقيق الإصلاحات المنشودة التي يتكرر طرحها على جميع المستويات".


مبادرة شراكة مع الـ OECD لـ"الإصلاح المؤسسي" في دول المنطقة تنطلق من البحرين

جايغر: مشروعنا قائم على الشراكة والطوعية لدعم الإصلاح

المنامة - منصور الجمري

بدأت أعمال مبادرة أخرى تهدف إلى إصلاح دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا من خلال تدشين اعمال احدى مجموعات العمل في البحرين في 62 و72 يناير/ كانون الثاني الجاري بحضور وفود وممثلين عن دول ومؤسسات من البحرين، مصر، المغرب، فلسطين، الأردن، السعودية، الإمارات، تونس، الولايات المتحدة الأميركية، اليابان والاتحاد الأوروبي. وهذه المبادرة الإصلاحية هي الثالثة من نوعها في منطقة الشرق الأوسط بعد "عملية برشلونة" التي تربط الاتحاد الأوروبي والدول المطلة على البحر الأبيض المتوسط منذ 5991، ومبادرة الشرق الأوسط الكبير "أو الموسع" الذي تشرف عليه الدول الصناعية الثماني بدءا من منتصف 4002.

المبادرة الثالثة تختلف من ناحية التكوين ولكنها تتناغم مع المبادرتين الأخريين، وانطلقت بمبادرة مشتركة من "منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية" "OECD" وعدد من ممثلي دول المنطقة في شهر أغسطس/ آب الماضي بعد اجتماع عقد في العاصمة الأردنية "عمان".

ومنظمة الـ OECD مقرها في باريس وتجمع في عضويتها الدول المتطورة اقتصاديا، وهي منظمة طوعية تهدف إلى تعزيز المكانة الاقتصادية المتطورة للدول الأعضاء وتهدف إلى مساعدة الدول النامية والفقيرة في الجوانب الفنية والخبرات لتطوير النمو في البلدان الأقل حظا من الناحية الاقتصادية.

الاصلاح المؤسسي

في الصيف الماضي طرحت منظمة الـ OECD مبادرة للإصلاح المؤسسي في الشرق الأوسط بالتعاون مع عدد من دول المنطقة بهدف تقديم خبرات مرتفعة القيمة "على اساس طوعي" لمساعدة الدول الراغبة في الإصلاح الاقتصادي الداعم للإصلاح السياسي.

ويمثل الجانب البحريني في هذه المبادرة مجلس التنمية الاقتصادية الذي يحتوي مجلس ادارته على رسميين وممثلين من القطاع الخاص.

وردا على سؤال لـ "الوسط" عن خلفية المبادرة وأهميتها، قال عضو مجلس ادارة مجلس التنمية الاقتصادية جواد حبيب: "لقد سارعت البحرين للانضمام إلى هذه المبادرة لأنها توفر فرصة ثمينة لاكتساب الخبرات من أجل إصلاح النظم الإدارية للدولة لاجتذاب الاستثمارات الأجنبية وتطوير البرامج التنموية بعيدة المدى وتقوية الشراكة الإقليمية والدولية من أجل تحقيق تنمية مستدامة قائمة على اقتصاد متنوع".

وقال حبيب لـ "الوسط": "إن هذه المبادرة تأتي في الوقت المناسب لأنها تركز على الطوعية وعلى الشراكة ولذلك انطلقت من دون تهويل إعلامي لأن الشركاء في المبادرة يهدفون إلى تحقيق نتائج ملموسة على الأرض وخصوصا أن كثيرا من الناس تشبعوا من الاستماع إلى الشعارات الصادرة عن مختلف الأطراف الدولية بشأن إصلاح الشرق الأوسط، ولكن اذا توافرت فرص حقيقية للإصلاح فإن علينا اغتنامها خصوصا اذا كانت هذه الفرص ترتبط من مؤسسات مهمة جدا مثل منظمة الـ OECD".

وذكر "ان الكثير من الحكومات في المنطقة ومعها مؤسسات المجتمع المدني والقطاع الخاص يؤمنون بأننا نمر في مرحلة حاسمة من تاريخنا وان علينا ان نتحرك من أجل تحديد الرؤية الاقتصادية الاستراتيجية وإزالة العقبات التي تعترض طريق التنمية".

وقال حبيب: "اننا في القطاع الخاص ملتزمون بدعم الإصلاح المؤسسي ولدينا لجنة وطنية يشترك فيها القطاعان العام والخاص تدرس أفضل السبل لتطوير المحفزات لجذب الاستثمار الأجنبي لمنطقتنا"، مشيرا إلى أن بدء أعمال المجموعة الثالثة لمبادرة الـ OECD "يأتي في الوقت المناسب وخصوصا ان السعي الحثيث نحو الإصلاح المؤسسي أصبح السياسة الرسمية للمملكة بمساندة القطاع الخاص ومؤسسات المجتمع المدني".

على مدى 3 سنوات

بعد اجتماعات عدة بين منظمة الـ OECD وممثلين من دول المنطقة تم الاتفاق في الصيف الماضي على اطلاق مبادرة على مدى ثلاث سنوات وتحتوي على برنامجين...

الأول تحت عنوان: "إصلاح الإدارة العامة" ويهدف إلى تحديث هيكلية الحكومة وإجراءاتها، والبرنامج الثاني تحت عنوان: "اجتذاب الاستثمار" ويهدف إلى تحسين السياسات والبيئة الاستثمارية لجذب الاستثمارات إلى دول المنطقة المشاركة في المبادرة.

تدشين أول ورشة

والتقت "الوسط" مع رئيس مبادرة الـ OECD من أجل الإصلاح المؤسسي في الشرق الأوسط "راينر جايغر" الذي أشرف على تدشين أعمال أول مجموعات العمل في فندق الدبلومات في 62 و 72 يناير الجاري.

وأوضح جايغر "لقد بدأنا عملنا في الصيف الماضي بعد اجتماع في العاصمة الأردنية وناقشنا مع ممثلين من دول المنطقة التي أبدت رغبتها في الاشتراك في المبادرة الطوعية، واتفقنا على خطة لمدة ثلاث سنوات، بدأت في اجتماع البحرين وهي تهدف إلى تحديد المشكلات والعقبات المؤسسية أمام التنمية الاقتصادية وبعد ذلك سنضع خطة العمل مع نهاية العام الجاري "5002"، ومن ثم ننطلق إلى مرحلة التنفيذ بحسب الخطط التي ستضعها المجموعات الخمس التي تم تشكيلها".

واعتبر ان مبادرة الـ OECD "تساند وتكمل جميع مشروعات الإصلاح الدولية والإقليمية والمحلية لأنها توفر الخبرات المؤسسية المطلوبة لتحقيق الإصلاحات المنشودة والتي يتكرر طرحها على جميع المستويات". مشيرا إلى ان مبادرة الـ OECD مع دول المنطقة التي دخلت في المبادرة تتوزع جهودها على خمس مجموعات عمل، هي:

- مجموعة العمل الأولى وتعنى بالشفافية والسياسات الانفتاحية لجذب الاستثمار، وترأس هذه المجموعة الأردن واليابان.

- مجموعة العمل الثانية وتعنى بتشجيع الاستثمار من خلال المؤسسات الترويجية والروابط التجارية والصناعية، وترأس هذه المجموعة الإمارات العربية المتحدة "ممثلة في إمارة دبي" مع دولة أوروبية أخرى سيتم تحديدها قريبا.

- مجموعة العمل الثالثة وتعنى بالإصلاح الضريبي وتطوير المحفزات من أجل الاستثمار، وترأس هذه المجموعة البحرين، مصر وتركيا.

- مجموعة العمل الرابعة وتعنى بتطوير السياسات المالية وتنمية المؤسسات الاستثمارية وترأسها السعودية وبريطانيا.

- مجموعة العمل الخامسة وتعنى بتحسين إدارة الشركات وترأسها لبنان ودول أوروبية سيتم تحديدها لاحقا.

ويأتي الاجتماع في البحرين ليدشن أول الاجتماعات لمجموعة العمل الثالثة، وستكون هناك اجتماعات أخرى في الإمارات والسعودية وبعد ذلك سيعقد اجتماع في الأردن يحضره الوزراء لإعلان تفاصيل المبادرة وخطط مجموعات العمل.

الفرق بين المبادرات

وسألت "الوسط" جايغر عن الفرق بين هذه المبادرة والمبادرات الأخرى مثل مبادرة "الشرق الأوسط الكبير" و"عملية برشلونة"، فقال: "الفرق الأساسي هو أن هذه المبادرة طوعية، وكل مجموعة عمل ترأسها دولة من المنطقة ودولة من منظمة الـ OECD وأن الخطط يتم وضعها من خلال مجموعات العمل التي يشترك فيها الجميع من دون سعي لفرض أي شيء من الخارج".

ولدى سؤاله عن السبب في تزامن هذه المبادرة مع المبادرات الأخرى، قال: "نحن في منظمة الـ OECD التي تجمع عضويتها ثلاثين دولة متطورة اقتصاديا نعمل بصمت وعلى أساس الطوعية، وقد نجحنا في مبادرة بدأناها قبل أربع أو خمس سنوات في جنوب شرق أوروبا واحتوت تلك المبادرة على دول كانت تشتعل فيها الحروب الأهلية في تسعينات القرن الماضي مثل البوسنة والهرسك وكرواتيا وألبانيا وصربيا بالإضافة إلى رومانيا والمجر ودول أخرى في تلك المنطقة".

وأضاف: "استطعنا أن نحقق إصلاحات جوهرية في مؤسسات تلك الدول بالتعاون معها على أساس الشراكة وعلى أننا ننقل إليهم خبرات متطورة من دون أية كلفة لأن الذين يدعمون هذه المبادرات أيضا متطوعون. ولذلك وجدنا أن هذه الفكرة تناسب أيضا دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وعرضناها على المسئولين في عدد من الدول ووجدنا الموافقة والحماس من عدد منهم ولذلك شرعنا في طرح المبادرة بشكل مقارب لما تحقق في دول جنوب شرق أوروبا".

مبدأ الشراكة والطوعية

وقال جايغر: "إن مشروعنا قائم على الشراكة والطوعية وليس على فرض القيم والآراء، فنحن نعلم أن كل منطقة لها خصوصياتها، ولكننا نستطيع أن نقدم خبرات متطورة ومن دون كلفة تذكر إلى دول نحتاج إليها وتحتاج إلينا، ولذلك فنحن وجدنا بلدا مثل البحرين رحبت بحماس نشكرها عليه، ونأمل أنها ستجد أن حماسها للمبادرة سيوفر لها ما تحتاج إليه من خبرات لتطوير مؤسساتها في الإدارة العامة وفي جذب الاستثمار".

وأضاف:"إن مردودات النفط بدأت تتراجع وجميع دول المنطقة يبحثون عن أفضل السبل لتنويع مصادر الدخل، ونعتقد أنه من واجبنا أن نوفر ما لدينا من خبرات إذا كانت هناك دول ترغب فيها".

العمل أولا

وعن تفاؤله تجاه نتائج هذه المبادرة الإصلاحية، قال: "إننا نؤمن بالعمل أولا والكلام ثانيا، فإذا بدأ المشاركون برؤية ما نقدمه من خبرات ذات قيمة مرتفعة ومن دون كلفة سياسية أو مادية تثقل عليهم، فإنهم بلا شك سيواصلون معنا، ونحن لسنا هنا لنستبدل أي مشروع إصلاحي آخر سواء كان على المستويات الدولية أو الإقليمية أو المحلية، وكل ما نهدف إليه هو توفير الخبرات إلى من يود الاستفادة منها على أساس إنساني يسعى إلى بناء الجسور بين الأمم والحضارات، وأن ما نجنيه من التعاون فيما بيننا سيصب في صالح السلم العالمي من دون شك".

الإصلاح لا يفرض بالقوة

وفي رده على سؤال "الوسط" عن تخوف بعض الدول من مشروعات الإصلاح المفروضة من الخارج، قال: "إننا لسنا من المؤمنين بهذا النهج، فنحن أيضا نقول إن القوة توفر لك النصر في الحرب، ولكن الاقناع والاقتناع فقط هما اللذان يوفران لك الإصلاح والاستقرار الدائمين، ونؤمن بأن الإصلاح قضية تقوم على المشاركة وليس بالفرض من الخارج".

دعم بريطاني

وتحدثت "الوسط" إلى السفير البريطاني في المنامة روبين لامب الذي أكد أن "بريطانيا تقف خلف هذه المبادرة الإصلاحية" مشيرا إلى أن حكومة بلاده "رصدت دعما طوعيا قدره مليون جنيه استرليني لهذه المبادرة وأن بريطانيا تشارك الرأي القائل إن الإصلاح يتم من خلال المشاركة بين الأطراف المعنية"، مشيرا إلى أن بريطانيا "تدعم عدة مبادرات ومشروعات للإصلاح في المنطقة وفي البحرين".

عوامل جذب الاستثمار

من جانبه قال رئيس قسم الإصلاح الضريبي في منظمة الـ OECD ستيفن كلارك: "إن دول الخليج ودول قليلة جدا في العالم هي الوحيدة في العالم التي لا يوجد فيها نظام ضرائب على الدخل، ولكن ومع ذلك فإن هناك ضرائب من نوع آخر تأخذها الدولة بحكم القانون مثل التأمين الاجتماعي وغيره، وهذه جميعا تعتبر في تعريفنا ضرائب يجب النظر إليها بشكل متكامل لجذب الاستثمارات".

وقال كلارك: "إن عوامل جذب الاستثمار كثيرة، منها الاستقرار السياسي، الأجواء الانفتاحية، عدم تغيير القوانين بين الفترة والأخرى، وضوح الضوابط وجمعها في قانون واحد مفهوم للجميع، ضمان تطبيقه على الجميع من خلال وكالة حكومية واحدة فقط، تقليل الصلاحيات التي تعطى للوزراء والمسئولين لاستثناء هذه المعاملة أو تلك أو لتمرير هذه المعاملة أو تلك، توفير البنية التحتية المتطورة من اتصالات وطرق ومواصلات ومطارات وموانئ وتوفيق الإجراءات وتعزيزها بمؤشرات تؤكد أنها كانت عادلة وشفافة وسريعة ولها غرض واضح من أجل تعزيز بيئة التنمية الاستثمارية".


ما هي منظمة الـ OECD؟

يطلق البعض على منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية OECD مسمى "نادي الاغنياء" لأنها تضم في عضويتها ثلاثين دولة ديمقراطية ومتطورة اقتصاديا، وتسيطر هذه الدول على نحو 06 في المئة من اقتصاد العالم. مقرها باريس، تأسست بعد الحرب العالمية الثانية وبعد الدمار الشامل الذي شهدته أوروبا من اجل ادارة وتوجيه "خطة مارشال" لإعادة بناء أوروبا التي دمرتها الحرب، وهي الخطة التي اعتمدت على موازنة ضخمة جدا من الولايات المتحدة الاميركية وكندا. وعلى خلفية تلك العوامل مجتمعة تطورت المنظمةكثيرا خلال العقود الخمسة الماضية، وتشمل في عضويتها جميع دول الاتحاد الأوروبي، أميركا، كندا، اليابان، كوريا، استراليا ونيوزيلندا ودولا أخرى. والمنظمة تضم ممثلين عن هذه الدول وتهدف إلى جمع الأفكار والخبرات وطرح المشورة بهدف تعزيز وتنمية اقتصاد الدول المتطورة ومساعدة الدول الأخرى الأقل حظا في التطور الاقتصادي

العدد 876 - الجمعة 28 يناير 2005م الموافق 17 ذي الحجة 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً