أكد عضو المجلس البلدي في محافظة العاصمة صادق رحمة في محاضرته المعنونة بـ "العمل المؤسساتي" والتي ألقاها في نادي النعيم الأسبوع الماضي أن للعمل التطوعي أهمية كبيرة وجليلة تؤثر بشكل إيجابي في حياة الفرد والأسرة والمجتمع، ومن تلك الإيجابيات والآثار تحسين المستوى الاقتصادي والاجتماعي والأحوال المعيشية، والحفاظ على القيم الإسلامية وتجسيد مبدأ التكافل الاجتماع، واستثمار أوقات الفراغ بشكل أمثل. وطرح رحمة فكرة تنظيم مؤتمر يرتقي بأداء المؤسسات في المنطقة في العمل التطوعي.
وقال رحمة: "ويعتبر العمل التطوعي تجسيدا عمليا لمبدأ التكافل الاجتماعي، باعتباره يمثل مجموعة من الأعمال الخيرية التي يقوم بها بعض الأشخاص الذين يتحسسون آلام الناس وحاجاتهم، الأمر الذي يدفعهم إلى تقديم التبرع بجهودهم وأوقاتهم وأموالهم لخدمة هؤلاء الناس، طلبا لتحقيق الخير والنفع لهم".
وسلط رحمة الضوء على أهداف المؤتمر، مشيرا إلى أنها تتمثل في تطوير العمل التطوعي في المنطقة وتنظيمه ومساعدة المؤسسات على أداء رسالتها، وتقديم المشورة للراغبين في التطوع فيما يتعلق بأنواع وطبيعة الأعمال التطوعية، ما يمكن المتطوع من اختيار ما يناسب استعداداته وقدراته وميوله من أعمال تطوعية، إلى جانب تقديم المشورة لمختلف المؤسسات فيما يتعلق بشئون المتطوعين ووضع خطط التدريب اللازمة والإشراف المناسب، إضافة إلى التنسيق بين رغبات المتطوعين واحتياجات المؤسسات من الجهود التطوعية، وعلاوة على ذلك تبادل المعلومات والخبرات في مجال العمل التطوعي مع المؤسسات المماثلة محليا ودوليا.
وأشار رحمة إلى أنه "سيتم تقييم تجربة العمل التطوعي في المنطقة من خلال استعراض نقاط عدة تمثل أركان العمل التطوعي التي من خلالها يتبين مدى التقدم والنجاح في هذه التجربة".
وعاد رحمة للحديث عن موضوع المحاضرة التي دار النقاش فيها حول الأسئلة الآتية: لماذا يحجم الناس عن العمل المؤسسي؟ ولماذا لا نشهد إقبالا عليه؟ وكيف يمكن أن نطور هذا الجانب المهم الذي يعد أحد أركان تطور ونمو المجتمعات؟
مفهوم المؤسسية
في بداية اللقاء سلط رحمة الضوء على مفهوم المؤسسية قائلا: "نحاول في هذه الندوة توضيح مفهوم المؤسسية والفكر المؤسسي، مع بيان أهمية تطوير الثقافة المؤسسية وتعزيز العمل المؤسسي بما هو عمل جماعي منظم، عقلاني ورشيد تحكمه مبادئ وقواعد منظمة له من واجب الجميع الالتزام بها، أينما كان هذا العمل المؤسسي".
واستطرد "وهذه المبادئ والقواعد والالتزام بها هو الذي يضمن الاستمرار والتراكم في الحياة السياسية والثقافية والاقتصادية والاجتماعية".
وواصل رحمة "أما مفهوم المؤسسة فهي مجموعة من الأفراد الذين يشتغلون بحسب نظام عمل وأدوار وظيفية محددة، لأداء خدمات ونشاطات وفعاليات محددة في المجتمع".
وعرج في معرض حديثه على مزايا العمل المؤسسي قائلا: "لاشك أننا نريد لأعمالنا أن تستمر وتنمو وتنجح. والعمل الفردي هو الذي يرتبط بذات الشخص، بوجوده وعطائه ونشاطه وعلاقاتــه، وكم من عمل ناجح نما وصعد إلى القمة، ولكن بوفاة صاحبه أو غيابه إنهار واختفى وهنا تكمن أهمية العمل المؤسسي على اعتبار أنه يرتبط بجماعة أو لنقل بكيان لا يتأثر بغياب أحد أفراده، ولذلك يبقى العمل وينمو ويستمر".
وأضاف أنه "كذلك من ناحية الإنتاج فالتجارب الكثيرة تؤكد أن العمل الذي يبنى بناء مؤسسيا ينتج إضعاف العمل الذي يبنى بناء فرديا... أيضا نحن نريد لأعمالنا أن تنطلق من العفوية إلى التخطيط فكلما كان العمل مبنيا بناء مؤسسيا كان المجال لتثبيت أركانه بخطة واضحة تنفذ بإتقان. بينما العمل الفردي تظهر فيه العفوية والمزاجية والارتجالية، وكلها آفات في طريق نجاح العمل واستمراره. فالعمل المؤسسي يوضح الأهداف وينظم العمل؛ لأنه يجبر على إيجاد التخصصات، وبالتالي يجبر العاملين على الوضوح وتحمل المسئولية. ونحن نريد أن تتحول مشروعاتنا من المحدودية إلى الانتشار".
ورجع رحمة للحديث عن مزايا العمل المؤسسي، وبين أن هذه المزايا يمكن تلخيصها في تحقيق مبدأ التعاون الجماعي، وتحقيق التكامل في العمل إلى جانب تأسيس الأعمال المشتركة بين الأفراد، وتوظيف الجهود كافة، والاستفادة من شتى القدرات الإنتاجية، وضمان استمرار العمل، والاستفادة من الجهود السابقة.
ولخص رحمة العمل المؤسسي في قوله: "إن العمل ضمن المؤسسات هو حصيلة جهود أفراد اتفقوا على أهداف معينة ضمن ضوابط محددة بالنظام الداخلي الذي تقره الهيئة العامة، وغالبا ما تكون النشاطات والفعاليات التي تقوم بها ثقافية أو اجتماعية أو فنية ويتم تنفيذها من قبل الأعضاء ضمن لجان تنبثق وتشكل من قبل الهيئة الإدارية التي هي أعلى سلطة في المؤسسة ويتم انتخابها من قبل الهيئة العامة لفترة محددة كبند من بنود النظام الداخلي للمؤسسة".
عوائق الانضمام للعمل المؤسسي
وعرج رحمة في محاضرته على عوائق الانضمام إلى العمل المؤسسي، قائلا: "ولسائل أن يقول: عمل بهذه المزايا وهذه الأهمية... ما الذي حدا بالعاملين في ميادين الخير للإحجام عنه؟ ويجاب عن ذلك بأن الأمر له خلفيات وأسباب، منها؛ ضعف الفهم للعمل المؤسسي، والتركيز على الكم دون التركيز على الكيف في طبيعة الجدية والالتزام في العمل المؤسسي، والاهتمام بآنية التأثير وردود فعل الجمهور من دون الاعتناء بالتأصيل والتأسيس. والأنفة من الانضواء تحت قيادة، إلى جانب انعدام التشاور وظهور المركزية في اتخاذ القرار في بعض المؤسسات".
وتطرق رحمة في محاضرته إلى مقومات نجاح العمل المؤسسي، وأشار إلى أن هذه المقومات يمكن حصرها في إخلاص النية وصدق التوكل، وتوافر القناعة بالعمل المؤسسي، وأن تسود لغة الحوار ولا ننسى أهمية تحديد ثوابت ومنطلقات مشتركة للعاملين في المؤسسة، والتسامي على الخلافات الشخصية، والإيجابية في التفكير، وصدور القرارات عن مجلس الإدارة والبعد عن المركزية وأخيرا وليس آخرا تحديد الأهداف وإتقان الخطط ومبادرة التنفيذ واستمرار المتابعة.
وأنهى رحمة حديثه بطرح مجموعة من التوصيات، تمثلت في الالتزام بالقوانين والمبادئ، وتطوير الثقافة المؤسسية وتعزيز العمل الجماعي المنظم، وكتابة التقارير وتحليلها، والاهتمام بالتدريب، والاستفادة من التجارب الأخرى
العدد 876 - الجمعة 28 يناير 2005م الموافق 17 ذي الحجة 1425هـ