في مشهد مألوف وأليف، تلقى عيناك في نهاية بعض الاجتماعات الدينية أو في أعقاب صلوات الجمعة، أن يقوم بعض الأفراد بحمل كيس يجمعون فيه ما تجود به نفوس الحاضرين من تبرعات للأعمال الخيرية. أحيانا تكون مخصصة لمساعدة فقير أو علاج مريض أو إغاثة عائلة منكوبة، وأحيانا تكون عامة فتقدم لأعمال البر والخيرات. ولا يتردد الناس عن تقديم ما باليد، ما قل منه أو كثر، ومن هذا وذاك تتجمع مبالغ جيدة تصب في نهر الخيرات الكبير.
عمل جميل ومحبب، تنشرح له الصدور وتطمئن به النفوس الرضية، وهو وراثة كريمة تعلمناها من الآباء والأجداد، الذين اقتبسوها بدورهم من مبادئ هذا الدين الإنساني الذي جاء به محمد "ص" رحمة للعالمين.
الأفراد الذين يبادرون إلى جمع الصدقات والتبرعات، هم من الثقاة والمؤتمنين عند الجمهور، ولا تحوم حولهم أية شبهة، وهم يقومون بهذا العمل قربة إلى الله تعالى، لا يراودنا في ذلك أدنى شك، ولكن لنا أمنية نأمل أن تتحقق، بما يصب في الأخير في زيادة مثل هذه الايرادات المتفرقة، وزيادة الثقة أيضا بالقائمين عليها. والفكرة تأتي استلهاما من ملاحظة عمل بعض الجمعيات والصناديق الخيرية، التي دأبت على نشر تقارير دورية عن ايراداتها ومصروفاتها وطرق إنفاقها، طوال سنوات، ما عزز ثقة الجمهور بها، وانعكس على زيادة ايراداتها، وبالتالي على منفعة الفقراء والمحتاجين في هذا البلد.
نتمنى على هؤلاء الاخوة أن يقوموا بخطوة مماثلة، وهي نشر أرقام ما يحصلون عليه وطرق صرفه، بين فترة وأخرى، فمن شأن هذه الخطوة أن تشعر الناس بأهمية ما يتبرعون به من مبالغ مهما كانت محدودة، تتجمع مع بعضها لتساعد عائلة في ترميم بيتها، أو علاج مريضها، أو سد جوع بعض العوائل، فضلا عن انها تزيد ثقة الناس بالقائمين على الأعمال التطوعية والخيرية.
بلغة الصحافة هذه "شفافية"، وبلغة الفقه هي "إبراء للذمة"، وبلغة "مصلحة الفقراء" هي خير دعاية لهذه المجهودات المتفرقة التي تصب في نهر العطاء الكبير
إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"العدد 875 - الخميس 27 يناير 2005م الموافق 16 ذي الحجة 1425هـ