العدد 874 - الأربعاء 26 يناير 2005م الموافق 15 ذي الحجة 1425هـ

في الانتخابات العراقية: هل يحذو السنة حذو الكرد؟

فاروق حجي مصطفى comments [at] alwasatnews.com

كاتب سوري

فيما تتجه الاحتمالات والمؤشرات إلى إجراء الانتخابات في العراق في موعدها المقرر "أواخر الشهر الجاري"، وأن "تمنيات" تأجيل الانتخابات كان ضربا من الخيال، مازال السنة في العراق يتعاطون مع الاستحقاق الانتخابي بالتعنت المتصف بالسذاجة السياسية، وإشعار الغير بأنهم يعيشون في الدوامة السياسية والتنظيمية، مع أن الواقع والظروف تحتم عليهم "أعني السنة" أن يكونوا من أوائل المطالبين بإجراء الانتخابات، وذلك كي يثبتوا للجميع بأنهم ليسوا كما ينظر إليهم في سعيهم وراء شعارات خلابة وشعارات القرون الوسطى و بالتالي فهم ليسوا طرفا مجبرا على تحمل مسئولية الإرهاب لكونهم الطرف الأكثر تأذيا من الإرهاب لأن غالبية الحوادث تحصل في مناطقهم.

الحقيقة هي أن الانتخابات ستجرى في موعدها المقرر، وان مسألة التأجيل أصبحت ضربا من الأمنيات، فاستطلاعات الرأي تقول إن 80 في المئة من العراقيين يريدون الانتخابات بل إنهم سيشاركون في الانتخابات والواقع أيضا يقول ذلك، لأن الكرد والشيعة والمكونات الأخرى وبعضا من السنة تفوق هذه النسبة. وعندما يطالب هذا الكم بالانتخابات لأنها "أي الانتخابات" هي الوحيدة التي ستنقل العراق إلى بر الآمان وهي الوحيدة القادرة على شرعية مؤسسات الدولة وهي الوحيدة التي ستؤسس العراق وتؤمن السيادة الكاملة وتزيل مبررات وجود الاحتلال وبأضعف الإيمان ستؤسس الدستور الدائم، ليس كما يعتقد البعض أن مسألة إجراء الانتخابات هي مطلب أميركي، اعتقد أن من يقول ذلك يوقع نفسه في خطأ لأن قرار إجراء الانتخابات أتى في بنود قرار مجلس الأمن 1546 - هذا القرار الذي لا يحبذه الأكراد لأنه لم يأت على ذكر قانون إدارة الدولة المؤقتة وهو القانون الذي يحمي الكرد - كما انه "أي إجراء الانتخابات" هو تنفيذ لقانون إدارة الدولة العراقية المؤقت هذا عدا عن أنها تلبي أماني المراجع الدينية. هذا فضلا عن كون غالبية القوى العراقية تطالب بإجراء الانتخابات لأنه باعتقاد هذه القوى أنها السبيل الوحيد لإنقاذ العراق من العنف والفوضى والعبث وإرجاع العراق إلى عافيته، لذلك فإن مطلب تأجيل الانتخابات أصبح غير مفيد وصار من المستحيلات ما يحتم على الأطراف التي تدعوا إلى تأجيل الانتخابات أن تكرس الوقت وتستغل ما يمكن استغلاله وذلك لعدة أسباب:

1- إن التخلف عن المشاركة يعني حرمان هذا الطرف من رؤية نفسه في الدستور الدائم ومن عراق المستقبل وربما هذا يمنعهم من المشاركة طيلة السنوات المقبلة تماما مثلما حدث مع الشيعة أوان الاحتلال البريطاني عندما قاطع الشيعة الانتخابات في تلك المرحلة.

2- انه سيكون لعدم مشاركة هذا الطرف عواقب على نفسية الشريحة الممتنعة عن الانتخابات وبالتالي ستكون هناك عواقب وخيمة ليس على مستوى المشاركين فحسب بل على مستوى الممتنعين وبشكل أكثر.

ثمة من يرى أنه كان من المفروض أن يحذو السنة حذو الأكراد في العملية الانتخابية إذ مثلما حصل الكرد على الضمانات مقابل مشاركتهم في انتخابات مجلس محافظة كركوك كان يفترض من السنة أيضا أن يبحثوا عن الضمانات ويفسحوا المجال أمام الطرق الدبلوماسية، السبيل اقل خسارة والأنجع.

دون شك فإن السنة افتقروا إلى نقطتين في تحقيق مطالبهم، أولا: الافتقار إلى دبلوماسية ناجحة، إذ إن دبلوماسية السنة فشلت في شرح وإقناع الأطراف، ويعود سببها بالدرجة الأولى إلى تمسكها بمواقفها وقناعتها إذ بان أن المطالبة برحيل الاحتلال لا يفيد في هذا الظرف، والثاني أنها عجزت عن الطرح البديل للانتخابات وعجزت عن إقناع الأطراف بكيفية رحيل الاحتلال، هذان العاملان ساهما بشكل أو بآخر في فشل الدبلوماسية السنية وفي كسب المواقف على رغم مساندة الإعلام العربي لهم. بقي القول انه ليس أمام الجهة الممتنعة بإجراء الانتخابات غير تكريس الوقت المتبقي لأجل تفعيل الحوار وعقد مؤتمر للمصالحة والمصارحة وان يقفوا سندا للقوائم السنية أو للأطراف الأخرى لكي تتوج هذه العملية بالنجاح وبالنتائج المنتظرة لمستقبل العراق في الفيدرالية والديمقراطية والتعددية ونظام برلماني، إذ لا يوجد فيه طرف مغبون أو طرف مهمش وآخرون في المتن

إقرأ أيضا لـ "فاروق حجي مصطفى "

العدد 874 - الأربعاء 26 يناير 2005م الموافق 15 ذي الحجة 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً