العدد 874 - الأربعاء 26 يناير 2005م الموافق 15 ذي الحجة 1425هـ

سماهيج - حسين السماهيجي

أوراق مغايرة... إبراهيم "2"

كان مغرما بأبي الطيب حد الجنون والوله. ..

ولم يكن ليلتوي، قط.

ولم يكن ليتغير أو يتلون بحسب الظروف أو ما تقتضيه المصلحة.

كان خلاصة متخيرة لهذه الأرض الطيبة الموغلة في انغماسها في لغة هي أعز ما لديها

وأنفس ما تباهي به...

أتذكره يتهجى طلاسم هذا البيت:

وسوى الروم خلف ظهرك روم

فعلى أي جانبيك تـمـيـل

ولا تكاد تقرع الأسماع حادثة إلا وكان يهتف:

وإذا لم يكن من الموت بد

فمن العار أن تموت جبانا

هكذا هو...

حتى مضى قبل أربع سنوات ونيف نقيا، طاهرا، لم يدنس بلؤم.

هو "إبراهيم معيوف"، وقد استعار من "الرمز" خلقه لما لا يستطاع إلا بـ "إبراهيم"

وهو "أبو عمار" منصرفا إلى حيث عمر صرمته حادثة من حوادث الدهر.

وهذه أبيات لا تتسلى إلا بطيف من ذكر من لا ينزل اللؤم ساحته...

"إبراهيم"

ما بين جـنـبـيـك ما كفت عن الشرر

نار القصيدة في مفرية الوتر

ما بين ذاتين كانت طلسما جفلت

ما بين أحرفه موارة الصور

تحكي عن الخوف إذ يغتال صاحبه

من الذي طوق الإنسان بالقدر

هي المصائر، يا من لم يخف قدرا

كمائن... ليس من ينجو على حذر!

فارم المصائر بالأقداح عن سكر

وكن لطارقة الأيام في سكر

ولا تبح بالذي أضمرت!... كن أحدا

فردا من الخلق. لا تتعب من السفر

فكل من قد ترى ماض لغايته

وأنت، وحدك، ظل الآي والسور

ها أنت... أفردت؛ فالأزهار ذابلة

وكل ما كان حلما صار كالأثر

تفر منك الرؤى... فاسكب فؤادك في

بيت تقدس في مسرودة العمر

دع المصائر كالأقداح جائلة

فالشرب أغفوا على الباقي من العمر

يا أيها الفرد!... إن الحان محتشد

فيه من اللهو ما غطى على البصر

لكنهم... بعد حين راحلون، فهل

يبقى سوى لهب، في القلب، ذي سعر؟!

وأنت!... وحدك،لم تبرح، على كمد

في عزلة مثل أهل الكهف في الأثر

يا أيها الفرد! هذا الليل منتبذ

أقصى البياض؛ فقض الليل في السمر

مع الذي روحه لما تزل ألقا

تسيل من عن جنوب بالندى العطر

إن هبت الريح.. إبراهيم، كنت هنا

تحيي الرميم من الأوراد بالذكر

هذي الطيور التي أشلاؤها انتثرت

إن تدعها تأت سعيا يا أخا الكبر

وتلك قافية تمتد في جسد

من الرياحين منضود على خفر

تنداح من شفتيك... الطيب مازجها

كأنها وردة تحكي عن الشجر

بل الغمام الذي يهمي على أشب

يحكيك، يا صاحبي، في الغيث والمطر

عريان يا صاحبي من كل شائنة

كاس من الخلق السامي على البشر

ها أنت.. قد غبت عن عيني يا قمري

وصرت وحدك رهن الترب والحفر

فإن صادحة الأشعار لم تذر

من الحشاشة غير الدم في النهر

فهل سأسلوك؟!... إن الكأس لم تدر

إلا بما سال بين الماء والحجر

يا أيها الفرد!... إن الطير جاثمة

لكن من هو ابراهيم في الحفر





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً