العدد 872 - الإثنين 24 يناير 2005م الموافق 13 ذي الحجة 1425هـ

أميركا... طفل شوكولا لا ينام

المنامة - عادل مرزوق 

تحديث: 12 مايو 2017

"تعرف البراغماتية الحقيقة بأنها ما يكون ملائما للحاجة، بيد أن أول ما نكون بحاجة إليه عندما نبحث عن الحقيقة هو ألا نكون ذوي نزعة براغماتية" شسترتون.

من خلال أعمال وليام جيمس وجون ديوي وبيرس نشأت البراغماتية، المفهوم الذي يربط الحقيقة بفعاليتها ونجاح الفعل في التحصل على نتيجة مفيدة ونافعة. بمعنى أن أي قانون لا يتأرضن بالنفع والمصلحة هو قانون لا تستسيغه البراغماتية ولا تقبل به. ولا تكون أية سياسة صحيحة، إذا لم تكن تخلص البراغماتيين من الشك والاضطراب والقلق، وما من دين صحيح إلا في حال قدرته على تطوير السلوكيات والأخلاق للأفضل.

يرى وليام جيمس ان البراغماتية لا تشعر بالراحة إلا في الوقائع الملموسة، عكس الآخرين الذين يتشبثون بالميتافيزيقيا "المجردات"، وكلما تحدث البراغماتيون عن الحقيقة بصيغة الجمع والفائدة والرضا، يكون المناهض للبراغماتية لا يرى في ذلك المتحدث سوى الإنسان المتعلق بالحقائق المبتذلة أو الفظة، المتحدث المادي المكروه والذي لا يمكن الوثوق به، هكذا يسقط الكثيرون سلوكيات الولايات المتحدة على المفاهيم غير العقلانية أو الفظة، أو أنها تفتقر لأقل المستويات من الأخلاق أو حسن التصرف.

سلوك الإمبراطورية البراغماتية، أو فهم الشخصية البراغماتية ومعرفة التعامل معها سيبقى الحاجز الأهم في فهمنا لهذا العملاق الكوني. نخطأ بالسواء حين نعتقد انها "أميركا" مؤسسة خيرية، كما يعتقد "الليبراليون العرب". أو أنها إمبراطورية تقليدية كالإمبراطوريات الآفلة التي عانت منها البشرية وانها تسير في طريق الزوال والتفكك كما يروج القوميون أو بالأحرى بقاياهم الباقية. تبقى هذه الإمبراطورية في "اللانظام العالمي الجديد" كالطفل الصغير المتمرد، الذي لا يرضى بنوع واحد من الشوكولا لترضيته، وهو لا يكف عن الأذية والتذمر، نعتقد أحيانا أنه سيهدأ لو أخذناه الى غرفة مليئة بالحلويات والألعاب. إلا انه يستعذب القلق له ولمن حوله.

هذا الطفل المدلل الكبير لغة صعبة في ذهن والدته "الكون"، إلا أن علته ليست بالمعجزة. فقط علينا معرفة وفهم هذا الطفل بشكل أكثر، وأن نحاول التعالي على نتائجنا المسبقة وحلولنا اليسارية الليبرالية الإسلامية المتهالكة، ان نستبدل أدويتنا "منتهية الصلاحية" والتي لا تستنفد طاقته المدمرة بقدر ما تزيد من صراخه وغضبه. لو حاولنا لمرة واحدة أن نفهمه بشكل أفضل، لاستطعنا أن نبعث في جوانبه نعاسا يحتاجه بتلهف، فينام الطفل الفظ، وننام بهدوء





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً