التقرير الذي أرسلته الحكومة عن أوضاع التمييز بأنواعه في البحرين إلى لجنة مناهضة التمييز العنصري في هيئة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة قبل سنتين، اعتبر منح الخليجيين حق استملاك الأراضي دليل عدم تمييز الحكومة بين المواطنين وغيرهم، مع تأكيد التقرير أن هذا الإجراء هو الأوحد من نوعه في كل دول العالم، ما يعني أن البحرين لا تريد التعامل مع البحرينيين بالمثل في دول الخليج الأخرى كما أشيع مع إقرار هذا القانون. إلا أن التقرير تناسى أن قدرة المواطنين على التملك ستصبح معدومة بعد فترة بسبب ارتفاع أسعار الأراضي وانخفاض قدرة المواطنين الشرائية في قبال القوة الشرائية العالية للمستثمرين الخليجيين. يفاقم هذه المشكلة ويعقدها اجتماعيا، قيام البعض بوضع أيديهم على الأراضي في مناطق وقرى البحرين من دون أن يدفعوا فلسا واحدا، ليبيعوها بأسعار جنونية ليس للمواطنين فحسب، وإنما للمستثمرين الخليجيين أيضا. والأخطر: أن هذا التملك يأتي على حساب ديمغرافية وجغرافية القرى وتماسكها الاجتماعي، وحرمان أبنائها من التملك فيها، بفرض الأمر الواقع، ونقل الملكية العامة للأراضي التي يأمل المواطنون أن يكون لهم نصيب فيها، إلى الملكية الخاصة، وتغيير هذه المعادلة المفروضة فرضا يحتاج إلى معالجة جذرية. كل هذا، والمواطنون يتحدثون عن أكثر من 30 جزيرة ليس من حقهم رؤيتها، فضلا عن التملك والعيش فيها، مع إرساء سياسة اسكانية جديدة يسهم البلديون المنتخبون فيها بوعي ومن دون وعي، وهي سياسة "تملك الشقق" التي تعزز موقع المتنفذين، لكونهم من يقررون السياسة الإسكانية عبر نقل ثقل القوة الشرائية من الأراضي إلى الشقق السكنية من دون خفض الأسعار، بعد أن يصبح الخيار الأوحد للمواطن تملك الشقق فقط. فإلى أين نحن ذاهبون؟
العدد 871 - الأحد 23 يناير 2005م الموافق 12 ذي الحجة 1425هـ