العدد 871 - الأحد 23 يناير 2005م الموافق 12 ذي الحجة 1425هـ

هل سيكرر سنة العراق خطأ "بعض" شيعة البحرين في الانتخابات؟

سيد ضياء الموسوي comments [at] alwasatnews.com

لا أحب أن ادخل او ان اتورط في مفردات "سنة وشيعة" ولكني اعتقد أن الطائفة السنية الكريمة في العراق ستخسر الكثير اذا ما قاطعت الانتخابات، فقد اثبتت التجربة ان المقاطعة سلاح بدأ يتآكل ولا يجدي نفعا سوى ملء الآذان بالشعارات. وهنا تتكرر التجربة الخاطئة ذاتها التي طالما تضيع على رمال السياسة، فسنة العراق يرتكبون خطأ شيعة البحرين، وشيعة العراق يكررون صحة خيار سنة البحرين من الاستحقاقات الانتخابية. قبل شهرين تقريبا جلست مع نائب للمفكر العراقي ابراهيم الجعفري وكان يقول: "هناك اصوات كثيرة كانت تصلنا وتقول لنا: لا تشاركوا في مجلس الحكم، لانه مجلس اميركي اصبح تحت ظل مظلة اميركية ويجب عليكم ان تستخدموا سلاح المقاطعة لذلك. فأجبناه: عليكم بالعافية ونحن سندخل المجلس وسنعمل بالذي نستطيع ان نقوم به، ولن نكرر اخطاء الماضي. وفعلا دخلنا المجلس... شتمنا، القيت الحجارة علينا وبدأت الأمور تتضح الآن في أن الدخول مهم، لان الدخول معناه انا موجود".

شيعة العراق بقوا سنين "حمسانين" على حد وصف أحد رجالات العراق ممن صاغوا الدستور العراقي، ولكنهم اكتشفوا ان قطار السياسة والمصالح والتحالفات والتوازنات لا ينتظر "الحمسانين". وفي السياسة الكأس الملآن ان لم تملأه انت فسيأتي غيرك ليملأه وهكذا هي الحياة. السيد السيستاني لم يلتزم الصمت على رغم معرفته انه سيكون محل انتقادات لاذعة وسيكون موقعا لرشق الحجارة، وهذا ما حدث... فلا توجد الآن صحيفة عربية ولا قناة عربية إلا وتحاول ان تلقي الحبر الاسود على السيد، وراح المزايدون يرشقونه بالحجارة. وعلى رغم الهجمة الشرسة فإن السيد لم يكترث، ودعا إلى مواصلة الاسلوب السلمي في محاربة الاميركان على طريقة غاندي...

لم يكن موقف السيستاني بدعة في السياسة فاليابانيون شكلوا برلمانا تحت الاحتلال وكذلك كثير من الدول. وحتى في فلسطين نجد القوميين العرب وابناء العروبة مازالوا يصفقون ليل نهار للمفكر العربي والنائب في الكنيست الاسرائيلي عزمي بشارة ويستقبل في عواصم الدول العربية في سورية والبحرين ومصر... وعلى رغم انه يحارب الاسرائيليين من برلمان اسرائيلي فإننا لم نسمع احدا يلقي عليه الحجارة، وكذلك الأمر عند "أبومازن" الذي يدعم عربيا بالمال والبنين وكل زينة في حياة السياسة على رغم ان حكومته واقعة تحت الاحتلال بل كان قبله ياسر عرفات وهو من كبار الحلفاء لبغداد وصدام حسين وفرط في الكويت في سبيل التحالف مع صدام وعلى رغم ذلك لم نجد نقدا يرفع له... اقول: دعوا الشعارات الرنانة فهي لا تؤكل خبزا.

العراق يجب ان يحكم من قبل كل الاعراق العراقية وكل الطوائف وفق معادلة سياسية تنبع من طبيعة الفسيفساء العراقية، فكي نحظى بعراق قوي متين يجب على الطوائف الاخرى ان تشارك في الانتخابات وهذا هو املنا لأن البكاء على لبن نظام الامتيازات السابقة لن يرجع اللبن ولن يسترد الكأس، ويجب على هذه الاطياف سماع نصيحة الدول العربية والدول الخليجية في ذلك، وألا تمنح اذنها للشعارات الفضفاضة والهتافات التي ترفع من المثقفين في الفضائيات العربية، وذلك حتى لا يكونوا في العزلة وعلى الهامش. وليتأملوا، فحتى من راحوا يرفعون ثقافة "الهلال الفلاني أو القمر العلاني" تراجعوا عن مقولاتهم، لانهم نظروا إلى الواقع بواقعية فهم يعرفون جيدا ان خطاب التكفير لن يسلم منه أحد، فها هو يتجه إلى الكويت ولا نعلم من تكون الدولة القادمة. هذا الخطاب وهذا المنهج لا يميز أحدا.

اقول: نصيحتي لشيعة البحرين ان يستفيدوا من واقعية شيعة العراق ونصيحتي لسنة العراق ان يستفيدوا من سنة البحرين في ان الابتعاد عن مؤسسات التأثير "والتي منها المؤسسات التشريعية" يجعل التكفيريين يسيطرون عليها، ومن ثم يسنون قوانين لا تتناسب مع العصر هذا من جهة ومن جهة أخرى فإن المشروعات تفعل عبر المؤسسات ذاتها وهم غائبون. طبعا ليس كل الشيعة وليس كل السنة

إقرأ أيضا لـ "سيد ضياء الموسوي"

العدد 871 - الأحد 23 يناير 2005م الموافق 12 ذي الحجة 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً