العدد 2396 - السبت 28 مارس 2009م الموافق 01 ربيع الثاني 1430هـ

السودان... ما هي الحكاية؟

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

غريبٌ أمر الأنظمة العربية... فشعوبها يجب أن تكون أول من ينام، وآخر من يعلم حتى لو تعرّض أمنها للخطر وسلامة أراضيها للانتهاك والاستباحة والعدوان.

آخر الأخبار المثيرة تأتي من السودان، ليس عن قضية اللعبة السخيفة لمطاردة الرئيس عمر البشير في الجو، بل عن غارة بالطيران وقعت نهاية يناير/ كانون الثاني الماضي، ولم تعرف بها الحكومة إلاّ بعد الغارة الثانية منتصف فبراير/ شباط! وفي الحالتين آثرت الحكومة التكتّم والكتمان، لئلا تزعج رعيتها التي تعيش في أمنٍ وأمان، وسكينةٍ وطمأنينةٍ وسلام!

الصحافة أول من سرّب الخبر، ما دفع وزيرا إقليميا بالسودان للتعليق عليه، بينما كشف وزير دولة أن العديد من الأشخاص قتلوا في الغارة، ملمحا إلى أنهم مدنيون من دول إفريقية مجاورة.

السودانيون اعتقدوا للوهلة الأولى أن الإمبرياليين الأميركيين هم وراء الغارتين كالعادة، فاتصلوا بهم ليوبّخوهم أو يعاتبوهم أو ينصحوهم لئلا يكرّروا هذا الخطأ غير المقبول، ولكن تبيّن أنهم برءاء تماما من هذا الفعل، فأخذت الشكوك حينها تحوم حول «إسرائيل»!

الإسرائيليون في البداية لم يعلّقوا على الخبر، ولكن لم يمضِ نصفُ نهارٍ حتى ظهر إيهود أولمرت، بطل هزيمة تموز وبطل مذبحة غزة، ليستغل اللعبة، فقال: «لا جدوى من الخوض في التفاصيل، من لا يعرف عليه أن يعرف أن (إسرائيل) يمكن أن تضرب في أي مكان، كل شخص يستطيع أن يستخدم خياله، فنحن ننشط في العديد من الأماكن القريبة والبعيدة وننفذ غارات جوية بشكلٍ يعزّز قدرتنا على الردع». فهيبة الردع التي تحطّمت في لبنان، وسمعة الجيش الذي يخوض حروبه بأعلى التزام أخلاقي سقطت في غزة، ولابد من ترميمهما... بمثل هذه الاستعراضات.

على أن الحكاية لم تنتهِ بعد، ففي حرب غزة، كانت «إسرائيل» تبسط رقابتها على الأجواء من شرق البحر المتوسط حتى باب المندب لئلا تصل أي إمدادات للمقاومة، فيما يتولى حلفاء آخرون تضييق الخناق على القطاع أمنيا وغذائيا ودوائيا حتى يركع.

سيناريو تهريب الأسلحة الذي جرى ترويجه من الصعب تصديقه، فالطريق من شمال السودان إما أن يمر عبر البحر الأحمر لينتهي بالاصطدام بالعقبة، وإما أن يمرّ عبر منطقة «حلايب» بموازاة الساحل إلى وادي النيل لينتهي بالعقبات الكبرى في سيناء، حيث يُحكم الطوق لمنع تهريب حتى الحليب المجفّف لأطفال غزة. فكيف ستمر «شحنات أسلحة» على ظهور الجمال، و»صواريخ أرض-جو مداها 70 كم» في سيارات (بيك أب)، من شأنها تغيير معادلة الصراع؟

المنطقة معروفةٌ بوجود قبائل تعيش على تهريب البضائع بما فيها الأسلحة، إلى جنوب مصر أو لمناطق الصراع داخل السودان، وبعض الخبثاء يقول أن الحكومة سُعدت أصلا بالخبر لأنه خلّصها من بعض عصابات التهريب المزعجين، ولذلك تكتمت على الخبر!

الأرجح أن «إسرائيل» أثناء المجزرة، وصلتها معلومات، سواء عن طريق الأرض أو الجو، عن وجود عربات تحمل سلاحا، فتعجّلت ضربها خشية وصولها إلى غزة آنذاك.

وزير الخارجية السوداني قال إن هوية الدولة المعتدية لم تتأكد بعد، بينما أكّد المتحدث باسم الخارجية أن حكومته لاتزال تواصل التحقيق في الهجومين، وفي حال تبيّن تورط «إسرائيل» فإن السودان يحتفظ بحق الرد. نسأل الله أن يطيل أعمارنا وأعماركم لنرى بأعيننا ذلك اليوم الأغر

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 2396 - السبت 28 مارس 2009م الموافق 01 ربيع الثاني 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً