تشير الأرقام الصادرة من وزارة المالية والاقتصاد الوطني إلى أن الحكومة مستمرة في سياسة الاقتراض سواء عن طريق استصدار سندات وصكوك إسلامية أو أخذ القروض من صناديق التنمية الإقليمية. الحقيقة لا يكمن الخطأ في أخذ القروض بل في توظيف الأموال. بيد لابد من إتباع الواقعية في مسألة القروض برمتها حتى لا يكون ذلك على حساب الأجيال القادمة.
تكمن مناسبة الحديث في ترشح معلومات جديدة بخصوص القروض التي أخذتها الحكومة في العام الماضي. ففد جاء في مقال للصحافية بتول السيد "منسوب لوزير المالية والاقتصاد الوطني السابق عبدالله حسن سيف" منشور في صحيفة "الوسط" بتاريخ 9 يناير/ كانون الثاني الجاري مفاده أن في البحرين حجم الدين العام ارتفع بقيمة 103 مليون دينار في الشهور العشرة الأولى للعام 2004 . وتركزت الزيادة بشكل أساسي في حصول الحكومة على قرض بقيمة 100 مليون دينار وذلك جزء من قرض التطوير النفطي، وفي ذلك إشارة إلى خطة تطوير حقل أبو سعفة المشترك مع الجارة السعودية.
يذكر أن العام 2003 كان مميزا فيما يخص ارتفاع حجم الدين العام إذ زاد بواقع 328 مليون دينار الأمر الذي شكل زيادة قدرها 32 في المئة، وهذا بلا شك نسبة عالية لفترة سنة واحدة فقط في حال من الأحوال. وحدث ذلك على خلفية استصدار الحكومة لسندات تنمية في الأسواق المالية الدولية بقيمة 500 مليون دولار "أي نحو 189 مليون دينار" لتمويل أربعة مشروعات أهمها إنشاء حلبة البحرين الدولية لاستضافة سباق الفورمولا .1
على أقل تقدير ارتفع حجم الدين العام من 1,351 مليون دينار في نهاية العام 2003 إلى 1,454 مليون دينار في شهر أكتوبر من العام .2004 لكن يبدو أن الدين العام ارتفع بشكل أكبر بعد حصول البحرين على قرض مقدم من أحد صناديق التنمية التابعة لدولة الكويت بهدف إنشاء مستشفى جديد يحمل اسم عاهل البلاد في منطقة المحرق.
يشكل الدين العام نحو 45 في المئة من حجم الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الثابتة وتعتبر هذه النسبة معقولة على المستوى العالمي. على سبيل المثال المطلوب من مجموعة دول عملة اليورو في الاتحاد الأوروبي أن تتأكد من أن الدين العام لا يزيد عن 60 في المئة من الناتج المحلي. لكن يكمن التخوف من توفر فرص زيادة الدين العام خصوصا بواسطة استصدار صكوك التأجير الإسلامية وبيعها بسهولة ويسر على المؤسسات المالية الموجودة في البحرين.
من جهة أخرى تدفع الحكومة ثمنا باهظا لخدمة الدين. فحسب الأرقام الصادرة عن ديوان الرقابة المالية بلغت قيمة الفوائد المترتبة على الديون الحكومية 50 مليون دينار في .2003 والأخطر من ذلك تشير إحصاءات الموازنة للسنتين الماليتين 2005 و2006 بأن كلفة الدين العام تقف عند 75 مليون دينار للعام الجاري على أن ترتفع إلى 85 مليون دينار في السنة المقبلة.
يحدونا الأمل في أن لا يكون ارتفاع الدين العام على حساب الأجيال القادمة إذ إن ذلك مسئولية في اعناق القائمين على الشأن الاقتصادي للمملكة. أيضا المطلوب من ديوان الرقابة المالية والبرلمان مراقبة الأداء المالي للقطاع العام من أجل الحفاظ على سلامة الوضع المالي للبلاد. لكن كما أسلفنا لا يكمن الخطأ في عملية أخذ القروض بحد ذاتها بل في استخدامها إذ إن المطلوب توظيف الأموال في مشروعات تنموية تدر فوائد جمة للاقتصاد الوطني خصوصا العمل للقضاء على أزمة البطالة الخانقة والتي تقف في حدود 15 في المئة إذ يقبع نحو 20 ألف مواطن في صفوف العاطلين
إقرأ أيضا لـ "جاسم حسين"العدد 869 - الجمعة 21 يناير 2005م الموافق 10 ذي الحجة 1425هـ