عرضت الصحف المحلية بعض الأخبار منذ فترة، عن إقدام مراهقات على الانتحار، ومؤخرا تناولت الصحف المحلية كذلك خبرا عن محاولة مراهقة إنهاء حياتها، بشرب مواد تنظيف داخل حمامات البنات في مدرسة من المدارس الحكومية.

وعندما نقرأ خبرا كهذا، فإننا نُصاب بذعر شديد وألم عظيم، لما قامت به هذه الفتاة وغيرها من أمر مؤلم، لتُنهي حياتها التي وهبها الخالق إياها، فلو كانت تعلم أهمية هذه الروح لما قامت بالتجرُؤ والإقدام على هذا العمل.

ولكن نريد أن نجيب على تساؤلنا في بداية المقال، عن السبب الرئيسي الذي يجعل المراهقة تُقدم وتتجرأ على الانتحار، ومن ثمّ نريد أن نتعرّف بسلبياته على الفرد والمجتمع.

هل يمكن أن تكون أسباب انتحار مراهقة متعلّقة بنظام العلاقات القائمة بينها وبين أسرتها؟، ألهذا الحد تجد صعوبة في التأقلم معهم، وتقبّل نصائحهم المستمرة؟، أم هو عدم حصولها على متطلباتها في خضم انهيار وضع الأسرة الاقتصادي؟!

أم أن دخول المراهقة في عالم الحرام، وصعوبة الخروج منه مع زيادة ضغط الجنس الآخر عليها، وضعف الوازع الديني بالطبع أدّى إلى اتخاذ هذه الخطوة؟.

هناك بعض المختّصين يتجهون إلى تأثير التفكّك الأسري وانعدام الشعور بالأمن داخل كيان المراهقة، إضافة إلى زيادة المشاحنات بين الزوجين، أو تعاطي أحد الزوجين المخدرات أو إدمانه للكحول...

وقد حوّلها البعض إلى أنّ غياب الأب يؤدي إلى الانتحار، نسبة إلى التحليل الفرويدي، إذ اعتبر أن وظيفة الأب ذات أهمية كبيرة في مرحلة المراهقة، أولا للخروج نهائيا من «الأوديب»، ثم ثانيا من أجل تكامل الاستقلالية وإعادة تنظيم الواقع الذاتي، والخلل في الصور العائلية بمجموعها، في الوقت الذي يحصل فيه انبعاث جديد للشحنات السابقة، يمكن أن يكون له التأثير الكبير على مصير الميل الاندثاري القومي في هذه المرحلة.

أم يا ترى هي ظروف الحياة وقسوة الدنيا، وتخلُّف بعض العادات والتقاليد الجاهلية في التمييز بينها وبين أخيها؟، أم هو الفشل المتواصل في الدراسة، والاحباط في تحسُّن الظروف المعيشية، وعدم الحصول على طعم النجاح، وكثرة الانتقادات التي لا تُحتمل، أم ماذا؟!

أيمكن أن نلقي اللوم على الأسباب النفسية، ونقول بأن خصائص المزاج واضطراب الأرصان - أي اضطراب ناتج عن عجز في التفكير والتعبير اللفظي للمُعاش العاطفي والانفعالي -، الشبيه بالاضطرابات التي تلاحظ عند الجانحين وفي بعض الاضطرابات «النفسبدنية»، ويؤلف حلقة من الحلقات التي تربط هذين النمطين من السلوك... والانتحار يتعلق بهذين النمطين، أولا كفعل وثانيا كتدمير ذاتي.

نعتقد بأن البُعد عن الرب وقلة الحيلة، والتشويش الفكري، وسهولة الإقدام على الانتحار، التي تُعرض في الفضائيات، وتخويف الأهل في بعض الأحيان من تجّرؤ الفتاة المراهقة على الانتحار، أسباب مهمّة كذلك في هذا الموضوع.

سمعنا والعهدة على الراوي، بأنّ هناك تكاثر لمسألة الإقدام على الانتحار بين الفتيات المراهقات بالذات، وأنّ رفض الفتاة للإبقاء على حياتها أصبح أمرا واردا في مراكز الشرطة والمستشفيات إسبوعيا، إن لم يكن يوميا!

فهل نستطيع الحصول على إحصائية بعدد الفتيات اللاتي يحاولن زهق أرواحهن في مملكتنا البحرين؟ وهل نستطيع الحصول على دراسة علمية من مركز الدراسات والبحوث عن هذا الموضوع، وعن أسباب انتحار الفتاة المراهقة بالذات، وليس الصبي المراهق، ورسم توعية صحيحة لبناتنا المراهقات؟

هل نجد برنامجا تخصّصيا من وزارتي التربية والتعليم والثقافة والإعلام، بالتعاون مع وزارتي الصحة والداخلية، يتناول هذا الموضوع، ويتم تثقيف بناتنا من كل قطب وحدب، حتى لا يقدمن على الانتحار؟

نصيحة أخيرة إلى كل فتاة تهزّها نفسها بزهق روحها، بألا تُقدم على هذا العمل، فالدنيا متقلّبة بين الخير والشر، وبين السعادة والتعاسة، وبين الغنى والفقر، فكل يوم يتغير عن اليوم الذي سبقه.

ولتفهم فتاتنا المراهقة قول الشاعر:

ولرب نازلـة يضيق بها الفتى ذرعا وعند الله منها مخـرج

ضاقت فلما استحكمت حلقاتها فُرجت وكان يُظنُّ أنها لا تفرج