أكملت قوات الاحتلال الاسرائيلي دائرة الخنق الاقتصادي والاجتماعي لقطاع غزة بعد إغلاقها معبر المنطار شرق المدينة. ومنعت تلك القوات إدخال أو إخراج البضائع والأدوية أو أية مستلزمات أخرى للفلسطينيين وخصوصا أن المعبر هو المعبر التجاري الوحيد الذي يربط قطاع غزة بالضفة الغربية و"إسرائيل" وبالعالم الخارجي.
ودعت مراكز حقوقية المجتمع الدولي ومنظمات العمل الإنساني إلى التدخل الفوري للضغط على سلطات الاحتلال لإجبارها على وقف العمل بهذه السياسة، التي لا يمكن وصفها إلا أنها عقاب جماعي تنتهجه بشكل منظم بحق المواطنين الفلسطينيين.
وكشف مدير المعبر سليم أبوصفية من الطرف الفلسطيني أنه توجه قبل أسبوع إلى قيادة الجيش الإسرائيلي في المنطقة الجنوبية بطلب للسماح بدخول قوة مسلحة من الأمن الفلسطيني التابع للسلطة إلى المعبر لحمايته من المقاومة الفلسطينية، إلا أنهم رفضوا ذلك وقالوا إن الوقت لم يحن بعد لمثل هذا الأمر!
وقال أبوصفية - وهو ضابط ارتباط بين الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة والأجهزة الأمنية الإسرائيلية ويتمتع بعلاقات مفتوحة مع قيادة جيش الاحتلال - إنه لو كان هناك رجال أمن فلسطينيون، لما تمكن المسلحون الثلاثة من دخول المعبر، في إشارة إلى عملية "زلزلة الحصون" التي نفذتها كتائب القسام وكتائب شهداء الأقصى وألوية صلاح الدين وقتل فيها 6 إسرائيليين.
ولم ينف المسئولون الإسرائيليون ما قاله أبوصفية، وردوا عليه بطريقة ملتوية بالقول إن الفلسطينيين يفتشون عن أسباب لاتهام "إسرائيل" بكل ما يصيبهم من بلاء، فليتدبروا أمرهم الآن بعد إغلاق المعبر.
وبهذا الإجراء تكون قوات الاحتلال أكملت دائرة الخنق الاقتصادي والاجتماعي على سكان قطاع غزة، إذ إن جميع المعابر مغلقة منذ فترة طويلة. وبهذا الإعلان توهم قوات الاحتلال العالم بأن المعابر في قطاع غزة لم تكن مغلقة قبل العملية الفدائية، بل إن قوات الاحتلال تغلق معبر رفح البري والوحيد الذي يربط قطاع غزة بالعالم الخارجي، منذ أكثر من 35 يوما على التوالي، ولايزال مغلقا.
ونتيجة إغلاق معبر رفح الحدودي مع مصر يوجد عشرات الآلاف من الفلسطينيين العالقين في الجانب المصري في انتظار إعادة فتح المعبر والسماح لهم بالمرور ومعظم هؤلاء المسافرين العالقين قد نفدت أموالهم ومنهم من هو مريض أو أنهى فترة علاج أو أجرى عملية جراحية، وبالتالي فهم يحتاجون إلى خدمات معينة غير متوافرة في وضعهم الحالي، ما يهدد حياتهم بالخطر.
ويعيش هؤلاء المسافرون ظروفا مأسوية وغير إنسانية، إذ باتوا محرومين من التمتع بأبسط أنواع الخدمات، بمن فيهم الأطفال والشيوخ والنساء، كما أدى استمرار الإغلاق إلى انتهاكات جسيمة لحقوق المرضى الفلسطينيين، وخصوصا أن هناك مئات المرضى الذين هم بحاجة إلى السفر لتلقي العلاج بالخارج وهم بانتظار إعادة فتح المعبر.
أما معبر بيت حانون شمال قطاع غزة "إيرز"، فهو مغلق منذ نحو ستة شهور على التوالي في وجه العمال والمواطنين والمرضى الفلسطينيين، ويسمح في بعض الأحيان لعدد محدود من الحالات المرضية المستعصية بالدخول إلى "إسرائيل"، ولكن ضمن تنسيق مسبق وفي ظل ظروف غير إنسانية في عملية الذهاب والإياب.
وقال المركز الفلسطيني لحقوق الانسان إن إغلاق معبر المنطار سيمنع سكان القطاع من إجراء أي تبادل تجاري عبره، وهو ما سيزيد من تدهور الأوضاع الاقتصادية للفلسطينيين فضلا عن زيادة تدهور أوضاعهم الصحية. كما سيؤدي ذلك إلى شح الكثير من المواد الغذائية والمستلزمات الحياتية الأخرى، كالغاز المستخدم للطهي والتدفئة، والبنزين والسولار المستخدم وقودا للسيارات.
وتفرض قوات الاحتلال إجراءات وقيودا معقدة أمام نقل البضائع عبر المعبر، ما يؤدي إلى تلفها في معظم الأوقات، ولاسيما البضائع الغذائية كالخضراوات والفواكه، فضلا عن تلف كميات من الأدوية التي تنقل من الضفة إلى القطاع وبالعكس.
واعتبر المركز هذه الإجراءات تجسيدا لسياسة العقاب الجماعي، وأن معظم المعابر الذي ادعى الاحتلال إغلاقها عقب العملية الفدائية الأخيرة ونتيجة لها، ما هو إلا كلام عار عن الصحة، ويهدف من ورائه إلى تضليل المجتمع الدولي
العدد 868 - الخميس 20 يناير 2005م الموافق 09 ذي الحجة 1425هـ