نموذج آخر في مسلسل غبن "مع سبق الإصرار والترصد" من الحكومة تمارسه على موظفي القطاع الخاص، إذ يتجلى هذا في تفضيل موظفي القطاع الحكومي العام وهي ليست بالمرة الأولى ولا أخالها الأخيرة البتة على المساكين المغلوب على أمرهم موظفي القطاع الخاص. .. فترى الغبن يمتد من نسبة الرواتب المتدنية "بالنسبة إلى الغالبية من البحرينيين" والحوافز والتوقيت ويصل بكل امتياز حتى إلى الإجازات الرسمية... وهذه المرة تلعب غرفة التجارة على ملعب التجار بجعل عدد أيام إجازة العيد اختيارية أملا في تعشيم التجار بهذه الإجازة... أو أنهم يريدون أن يحرجوا الموظفين مع إداراتهم، لا أعلم!
هذا البون الشاسع بين مميزات القطاعين وكأن الأفضلية والأولوية للقطاع العام والدرجة الدنيا وقرب الأخيرة للقطاع الخاص الموصوفين بالمساكين كونهم لربما خدما أو ممتهنين عند التجار، هم من لا يحق لهم أية مميزات إن صحت تسمية الإجازات بها، حتى النواب الذين هم نواب الشعب كما يحبون أن يسمونهم وهم من أوصلهم الشعب! كل الشعب من موظف قطاع عام أو خاص... إما تجدهم يعملون مستميتين لمصالحهم الشخصية الآنية منها والمستقبلية... وإن تطوروا ووسعوا من نظرتهم وأحبوا أن يخدمون الناس"كل الناس في نظرهم" اتجهت اقتراحاتهم وآراؤهم ومشروعاتهم المسكينة "الوهمية أحيانا" والموجهة إلى الحكومة لتنصب على القطاع الحكومي فقط في إعداد الجداول والمقارنات والحوافز والبدائل... وكأن البقية هم "أولاد العبدة" أو هم ما يستاهلون أو أنهم لا سمح الله ليسوا بمواطنين!
إن كبار المسئولين من جهة... وكبار الخبراء الاقتصاديين التي تدعمهم دراساتهم لسوق العمل من جهة أخرى يدعون إلى أن ينخرط المواطن البحريني "المواطن" عاملا كان أو تاجرا إلى القطاع الخاص كون القطاع الحكومي يعيش حال ترهل مفرطة واكتفاء، بل أكثر من ذلك ولربما يصل إلى الترهل وقد وصل فعلا إلى البطالة المقنعة في الموظفين وأقصد هنا طبعا موظفي الحكومة تحديدا.
على طول السنة وموظفو القطاع الخاص هم المغلوب عليهم... على جميع المستويات من داخل أعمالهم ومن خارجها... من داخل أعمالهم من حيث مميزاتهم مع أقرانهم الأجانب الذين يأتون على هيئة خبراء ويخرجون برواتب مليونية "مع فارق العملة في بلدانهم"... ومميزات سكن ومواصلات وعلاوات أخرى لا تعد ولا تحصى تصل ومن دون مبالغة إلى توفير حتى علاقات الملابس في خزانة الملابس التي هي أصلا على حساب الشقة كون الشقة مفروشة مع الخدمة لهم! ومن الخارج المقارنة المباشرة مع أقرانهم موظفي الحكومة والتي كما أسلفنا يشاركهم فيها حتى نواب الشعب وسنده وعضده والمحافظين على حقوقه!
رجوعا إلى هذه الدواعي السيئة التي تساعد وبشكل كبير في تكبير وتضخيم حجم المسافة بين هؤلاء الموظفين الذين هم في الأساس يجب أن يعاملوا مثلما يتعامل الرجل مع زوجته الأولى والثانية من عدل وحب ومساواة... يجب أن تتعامل الحكومة وهي هنا بمثابة الزوج مع مواطنيها باسم كل بحريني... وليس كل موظف قطاع خاص أو عام... يجب أن توزع الثروة على هذا الأساس من العدل وهذه الثروة سواء أكانت مادية أو معنوية يجب أن تكون موزعة بشكل عادل مقنع على الطرفين لا تغبن طرفا على الآخر... لم يكن من العدل أن يتم التعامل مع فئة بأفضلية على الأخرى... فيجب أن يحس الطرفان بأن كل واحد منهما مكمل للطرف الثاني وما للأول هو نفسه للثاني... ولنأخذ قدوة حسنة ما تفعله الكويت مثلا مع أبنائها المواطنين... وليس الموظفين... فالخير يعم كل كويتي ولا يستثنى الكويتي في القطاع الخاص بل هو يستثني الأجانب... كل الأجانب في القطاع العام والخاص فلا ترى الأجنبي الذي يعمل في القطاع العام "الحكومي" له مميزات أفضل من موظف القطاع الخاص، فهو في النهاية "وافد" يأخذ خير البلد ويرسله "كاش" إلى بلده ولا تستفيد البلد منه في شيء ولا تنتعش بل هي تنظر على عكس المواطن الذي يطبق للحكومة مقولة "دهننا في مكبتنا"... فترى هدايا وعيادي الأمير توزع بالتساوي على المواطنين... ومثلها مثل قطر والإمارات... وليس كما تفعله حكومتنا هنا في البحرين.
مضت مناسبات كثيرة وستمضي مناسبات أكثر وإن ظلت على هذه الحال من طريقة التفكير التي يشارك فيها حتى النواب "اللي عليهم الأمل!"... فالهوة ستكبر وتكبر ولا أمل في ترقيعها إذا فات الفوت، ومن هنا فلا تسألوا لماذا يستميت الناس في البحث عن الوظائف الحكومية... وحتى لو طبقوا مقولة "شغل الحكومة موت جوع واشبع راحة "!!
أملي أن تكون إجازة العيد هي آخر المميزات التي يحصل عليها موظفو القطاع العام عن الخاص وإن كانت إجازة ليست بتلك الميزة الكبيرة التي يطمع فيها الناس على رغم حسرتهم... ولكن من حيث المبدأ هي ممارسة فعلية للتمييز... فيا حكومة هي دعوة صريحة إلى أن نعامل على أننا مواطنون وليس موظفين
إقرأ أيضا لـ "حمد الغائب"العدد 866 - الثلثاء 18 يناير 2005م الموافق 07 ذي الحجة 1425هـ