ماذا لو حصل جرد حساب بالمقترحات والمشروعات السلبية التي أقرها مجلس النواب على حين غفلة من الناس، والتي تخالف مصالحهم وتقيد حرياتهم؟ ماذا لو أعيد فتح ملف التأمينات والتقاعد مثلا، لنرى أية تعديلات أقرها مجلس النواب على قانوني التقاعد والتأمينات؟ وهل ما وصل إليه المجلس من وجود فساد إداري وليس ماليا في استثمارات الهيئتين يعد دقيقا ونهائيا؟ ماذا لو أعيد النظر مثلا في الظروف التي تشكلت فيها لجنة التجنيس، والنهاية التي انتهى إليها الملف؟ ماذا عن القوانين التي مررها مجلس النواب على حين غفلة من الناس، كقانون استملاك الشواطئ البحرية، وقانون الخدمة المدنية وغيرهما من القوانين غير المنظورة للناس لكونها لا تمثل خطرا مباشرا عليهم، والتي كان جزء من تمريرها سببه عدم إدراك الناس لخطورتها، وعدم سؤالهم عنها؟ ماذا لو تم التحري بدقة في كل ما قام به المجلس من إقرار وبصم على القوانين المخالفة لمصالح الناس؟ هل يمكن أن نصل إلى نتيجة مفادها: أن هذا المجلس يعمل بشكل مبرمج وعن علم لصالح الحكومة، وأن كل أعضائه بلا استثناء مشاركون في هذا السلوك؟ الحقيقة التي يجب أن يفهمها الجميع، أن بروزمظاهر الفساد سببه مجلس النواب، ليس لضعفه الرقابي، وإنما لانعدام وزنه التشريعي، في قبال بصمه على القوانين التي تساعد على تبيئة الفساد ونموه على مستوى الموظفين الكبار والصغار. وإذا كان المفسدون لا يتجاهرون بفسادهم أيام قانون أمن الدولة، أيام كان الناس غير قادرين على الاعتراض، فهاهم يتبجحون بفسادهم في عهد الإصلاح من دون أن يردعهم أحد، وقد أسسوا لحراكهم العلني عبر بوابة مجلس النواب، وليدقق أي متابع في مسار إقرار القوانين الخطيرة في مجلس النواب، فسيجد أنها البوابة لإعلان المفسدين فسادهم، وليس ببعيد عنا النتائج التي توصل إليها مجلس النواب في ملف التأمينات والتقاعد.
على المتابعين للشأن النيابي تحديدا، من كانت لديه قناعة بالمشاركة أو المقاطعة، أن يتفحصوا جيدا مقدار العجز الذاتي عند النواب عن فعل شيء يذكر في قبال استعدادهم المسبق لإقرار أي شيء، في قبال العجز الدستوري وما يؤسس له من عجز ذاتي سيوصل من هو داخل حلبة مجلس النواب إما إلى الصدام، أو المهادنة والاستكانة، والأخطر: هو ما يفرض على الأرض من وقائع وحقائق دامغة لا يمكن تغييرها إلا وفق رؤية جذرية لا تخلو من تداعيات خطيرة
العدد 866 - الثلثاء 18 يناير 2005م الموافق 07 ذي الحجة 1425هـ