سخرت الصحف الأميركية ما يجري بين الفلسطينيين والإسرائيليين، على خلفية قرار رئيس الوزراء الإسرائيلي آرييل شارون وقف الاتصالات مع السلطة الفلسطينية بعد عملية معبر المنطار التي أدت إلى مقتل ستة جنود إسرائيليين، باعتبار ان "شهر العسل" انتهى قبل أن يبدأ. .. فيما نصح تعليق آخر أميركا و"إسرائيل" بـ "ألا تقعا في حب أبو مازن". لكن هذا لم يمنع المعلقين من انتقاد آرييل شارون على قراره قطع العلاقات مع الفلسطينيين الذي فاجأ المراقبين الأميركيين إذ لم يكن متوقعا لأن من شأنه السماح للمسلحين الفلسطينيين بالتحكم بالأجندة الفلسطينية الإسرائيلية قبل أن يتسنى للرئيس الجديد محمود عباس تشكيل حكومة جديدة. لكن أيضا هناك من رأى ان قرار شارون يرمي إلى تقويض التفاؤل الغربي بعد وفاة الزعيم الراحل ياسر عرفات وانتخاب عباس خلفا له، والتأكيد على شرط "إسرائيل" للتقدم على صعيد السلام هو عدم التفاوض مع الفلسطينيين بينما يتعرض مواطنوها للهجوم. هذا ولم تغب عن الصحف الأميركية عوائق أخرى تقف في وجه محمود عباس وتمنعه من تحقيق هدف الدولة الفلسطينية المستقلة. واستهلت "نيويورك تايمز" افتتاحيتها بتعليق ساخر على الوضع بين الفلسطينيين الإسرائيليين إذ لاحظت ان شهر العسل لم يدم طويلا بين الطرفين. وأوضحت انه بعد أقل من أسبوع على انتخاب محمود عباس "أبومازن" خلفا للرئيس عرفات ودخول "حزب العمل" الإسرائيلي إلى الحكومة الائتلافية الجديدة، تلاشت الآمال بعودة قريبة إلى الحوار الدبلوماسي. وذلك بعد الهجوم "الإرهابي" الذي نفذه فلسطينيون في غزة حديثا والرد الإسرائيلي الذي تمثل بإعلان رئيس الوزراء آرييل شارون عن قطع العلاقات والاتصالات مع السلطة الفلسطينية إلى أن تقوم هذه الأخيرة بوضع حد لأعمال العنف و"الإرهاب" الفلسطينية. وأشارت "نيويورك تايمز" إلى ان العملية الفلسطينية الأخيرة جاءت كردة فعل من جانب المجموعات الفلسطينية المسلحة على مواقف الرئيس الفلسطيني الجديد محمود عباس، المعارضة لاستخدام العنف ضد الإسرائيليين. لافتة إلى ان الهجوم لم يستهدف الإسرائيليين فحسب بل قيادة أبومازن أيضا. واستنتجت انه من خلال قطع العلاقات مع الفلسطينيين، تحول شارون إلى حليف للمجموعات "الإرهابية" التي نفذت الهجوم. وأشارت إلى ان التخلص من "الإرهاب" الفلسطيني يتطلب التحرك على صعيدين. أولا إعادة بناء الأجهزة الأمنية الممزقة وثانيا التأكيد للفلسطينيين المترددين بأنهم لن يكسبوا شيئا من "الإرهاب" بل من خلال المفاوضات السلمية. وختمت الصحيفة آملة أن تتعافى العلاقات بين الفلسطينيين والإسرائيليين بأسرع وقت ممكن. ورأى ماكس بوت في "لوس أنجلس تايمز" في مقالة تحت عنوان "لا تقعوا في حب أبو مازن" ان الوقت لم يحن بعد للتفاؤل بتحقيق السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين. ولاحظ في مستهل المقالة ان تزامن وفاة الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات مع المبادرات التي تهدف إلى الحد من أعمال العنف خلقت جوا يوحي بالسلام بين الطرفين الإسرائيلي والفلسطيني خصوصا وان "إسرائيل" تنوي الانسحاب من غزة. غير انه انتقد بعض المتفائلين الذين يعتبرون ان الرئيس الفلسطيني الجديد سيتمكن من التوصل إلى اتفاق للسلام مع الإسرائيليين. فرأى ان وصف عباس لـ "إسرائيل" بالـ "العدو الصهيوني" وتمسكه بحق العودة ليس بالأمر المشجاع لأنه يعني ان أبو مازن لا يعترف بكيان "إسرائيل". وأشار المعلق الأميركي إلى ان هذه المعطيات تؤكد انه لم يحن الوقت بعد لأن يتعاطف الغرب مع عباس كما تعاطفوا مع الرئيس الراحل عرفات في التسعينات إذ ان الوضع الراهن يستلزم ديموقراطية فلسطينية وليس لغة القوة والعنف. وختم معتبرا ان الانتخابات الفلسطينية ليست سوى بداية متواضعة في هذا الاتجاه. وأشار ستيفن إرلنغر في "نيويورك تايمز" إلى إصدار رئيس الوزراء الإسرائيلي أمرا إلى جميع المسئولين الحكوميين بقطع العلاقات مع السلطة الفلسطينية إلى أن يقوم الزعماء الفلسطينيون بالتحرك لوضع حد "للإرهاب". وذلك ردا على العملية "الانتحارية" التي نفذها الفلسطينيون على معبر "المنطار" وأدت إلى مقتل ستة إسرائيليين وإصابة آخرين بجروح. واعتبر ان قرار شارون لم يكن متوقعا لأن من شأنه السماح للمسلحين الفلسطينيين بالتحكم بالأجندة الفلسطينية الإسرائيلية قبل أن يتسنى للرئيس الجديد محمود عباس تشكيل حكومة جديدة. وأشار إرلنغر، إلى ان المسئولين الإسرائيليين يعتبرون ان عباس قادر على اتخاذ الإجراءات المطلوبة إسرائيليا ومن بينها توقيف المسئولين عن الهجمات ضد الإسرائيليين ونشر قوات الأمن الفلسطينية. غير انه رأى انه من غير الواضح إلى أي مدى يشعر أبو مازن بأنه قادر أن يتحرك ضد المسلحين الفلسطينيين. واعتبر إرلنغر، أيضا ان قرار شارون قطع العلاقات مع السلطة الفلسطينية يهدف إلى تقويض التفاؤل الغربي بعد وفاة عرفات وانتخاب عباس خلفا له، والتأكيد على شرط "إسرائيل" للتقدم على صعيد السلام هو عدم التفاوض مع الفلسطينيين بينما يتعرض مواطنوها للهجوم. وكان إرلنغر قد كتب في رسالته من القدس فور نفاذ العملية الفدائية إلى انه ليس من الواضح بعد كيف تمت العملية بالضبط وما إذا كانت "انتحارية" أم هجوما مسلحا ضد الجنود المرابطين على المعبر. لكنه لفت إلى ان الأكيد هو ان العملية تعد رفضا عنيفا للجهود التي يبذلها الرئيس المنتخب للسلطة الفلسطينية محمود عباس لوقف العنف. وذكر هنا ان أبو مازن، كان دعا إلى وقف العمليات المسلحة ضد "إسرائيل" باعتبارها تعرقل قيام دولة فلسطينية مستقلة، وأجرى محادثات مع مختلف المجموعات الفلسطينية المسلحة من أجل التوصل إلى وقف لإطلاق النار. وشدد على ان العنف هو صفعة لأبو مازن ودليل على التحديات التي تواجهه خلال شغل منصبه الجديد كخلف للرئيس الفلسطيني الراحل الذي كان "بطل المحاربين" على حد وصفه. وأثارت جويل موبراي في "واشنطن تايمز"، مسألة شائكة أخرى تقف في وجه رئيس السلطة الفلسطينية الجديد وهي العامل الديمغرافي الذي لن يساعد "أبو مازن" في مساعيه لإقامة دولة فلسطينية مستقلة، إذ ان تقريرا صدر أخيرا يكشف ان عدد سكان قطاع غزة والضفة الغربية يبلغ أقل بـ1,4 مليون من العدد الرسمي الذي يبلغ 3,8 ملايين. ورأت ان هذه الأرقام لن تساعد أبو مازن لإقامة دولة مستقلة إذ انه لن يتمكن خلال الجولة المقبلة من المفاوضات مع "إسرائيل" أن يتذرع بأن عدد الفلسطينيين سيتخطى عدد اليهود بعد فترة من الزمن ما سيخلق أزمة ديمغرافية وسيؤثر على الطابع اليهودي للدولة العبرية
العدد 866 - الثلثاء 18 يناير 2005م الموافق 07 ذي الحجة 1425هـ