ليس قناعة بالأداة التشريعية الحالية، ولا ثقة فيها بأنها قادرة على فعل شيء فيما يخص صناعة التشريع أو تعديل القوانين المقيدة للحريات، ولكن حفاظا على ما تبقى عند النواب من نقطة حياء بشأن الأعراف البرلمانية المخترقة منهم ليل نهار، ما يجعل مفهوم الصدقية وتمثيل الناس بالنسبة للنواب يهتز يوما بعد يوم، ويجعله أقرب إلى العذرية المشكوك في عذريتها كلما تكلم الناس عن العفة والشرف والأمانة.
ماذا يعني أن ترفض هيئة مكتب النواب مقترح الكتلة الإسلامية بتشكيل لجنة لمراجعة القوانين التي صدرت في غياب السلطة التشريعية، والتي تفتقد أبسط قواعد الشرعية الدستورية، ولئن حماها دستور 2002 في المساحة الشكلية والفنية حين اعتبرها دستورية، فإن محتواها يناقض دستور 2002 نفسه وكل المواثيق الدولية ومواثيق حقوق الإنسان، وهناك رأي يقره فقهاء الدساتير، بأن القوانين التي تضر بالحقوق الأصيلة للناس هي باطلة دستوريا حتى لو أضفيت عليها صفة الدستورية، بل إن هذا الرأي يذهب بعيدا، فيرى أن الدساتير التي تضر بالحقوق الأصيلة للمواطنين، لا تمتلك الشرعية وتصل إلى درجة البطلان.
إذن، ما الذي جعل هيئة مكتب النواب تذهب إلى منحى عرض التعديلات المطلوبة على القوانين السابقة على المجلس من خلال مقترحات بقوانين وبشكل منفصل؟ أليس في ذلك إقرارا بدستوريتها مع أنها تفتقد أبسط معايير الدستورية؟
الواقع أن آلية المسح الشامل من خلال لجنة مختصة بمراجعة كل القوانين، وليس قانونا أو قانونين تعد آلية جديدة ومخيفة للجهات المحافظة في مجلس النواب، والتي تعتاش على وجود هذه القوانين، وسر خوف هذه القوى من هذه الآلية، هو سرعة النتائج المتوخاة من هذه اللجنة بعد أن تمارس دورا مسحيا على القوانين السابقة غير خاضع للآلية المعقدة الحالية، ما يعني أن النتائج في حال انتصارها لحقوق الناس، سيكون محرجا على هذه القوى عدم إقرارها، وخصوصا أنها جاءت بآلية جديدة وغير معتادة في مجلس النواب، وفي ظرف استثنائي.
هل سيكون المجلس بتشكيلته وأدواته الدستورية عائقا أمام تطور العملية السياسية في البحرين؟ ولئن جاءت بعض الكتل بقفزات "مريخية" على مستوى الأدوات الدستورية، فهل سيقف المجلس أمامها، لأنه لا يريد الخروج من قيوده
العدد 864 - الأحد 16 يناير 2005م الموافق 05 ذي الحجة 1425هـ