عندما اخترعت "المطبعة" في نهاية القرن الخامس عشر صدرت "فتوى" إسلامية قالت إن "المطبعة" حرام؛ لأنها ستكون "وسيلة شريرة" لتحريف القرآن الكريم. واستمرت هذه "الفتوى" نحو قرنين ونصف القرن كانت خلالها الإنسانية قد تطورت بشكل متسارع بسبب توافر المعرفة بصورة أوسع نتيجة اختراع الآلة الحرام "المطبعة"، بينما بقي العالم الاسلامي محروما من "المطبعة الحرام".
في نهاية القرن الثامن عشر في شبه القارة الهندية كان المسلمون "بصورة عامة" هم الحاكمين. وجاء الإنجليز بعد ذلك وسيطروا على الهند وأحكموا قبضتهم الكاملة في 1857م على كل الهند، فانبرى عدد من علماء الدين يحرمون تعلم اللغة الإنجليزية، لأنها لغة الشر، ولم يتراجع هؤلاء إلا بعد نسيانهم بعد نحو مئة سنة ونسيان فتاواهم ليكتشف الذين تخلفوا عن اكتساب العلوم بأن اللغة الإنجليزية أصبحت مفتاحا للعلم والتجارة، وأن لا دخل للدين في تحريم هذه اللغة أو تلك، كما أنه لم يكن للدين دخل في تحريم المطبعة.
اليوم نواجه فتاوى من نوع آخر... فتاوى تقول إن الديمقراطية لا تناسبنا، والبعض يقول إنها حرام، وآخرون يقولون إننا لسنا جاهزين بعد، فيما يحاول البعض الآخر انتاج نمط مشوه من الترتيبات غير الديمقراطية يطلق عليها مسميات إسلامية لتحليلها "وبالتالي تحريم أو منع الديمقراطية".
والذين يحرمون الديمقراطية يقولون ايضا إن المرأة حقها منقوص، وإن عليها أن تنتظر حتى يقرر الرجل مصيرها، وان على الناس ألا يطمحوا للوصول إلى مستوى صنع القرار السياسي أو الاقتصادي؛ لأن ذلك حرام على كل الناس ما عدا فئة منهم. ووجهة النظر هذه تعتمد لغة الدين أحيانا ولغة الواقع أحيانا أخرى، ولكن المحصلة هي ذاتها التي كانت محصلة تحريم استخدام "المطبعة" على المسلمين نحو قرنين ونصف القرن.
ليس علينا أن ننتظر قرنا أو قرنين لكي نتنازل عن آراء وفتاوى ووجهات نظر تمنعنا من اللحاق بركب الإنسانية... وليس علينا ان ننتظر حتى ينتهي النفط من بلداننا وتنتفخ اجساد أولئك الذين نهبوا خيرات أوطانهم وملأوا جيوبهم بالمال الحرام وبطونهم بالاكل الذي سرقوه من أفواه الآخرين الذين كتب الله عليهم ان يولدوا ويعيشوا معهم في مكان واحد.
منذ منتصف ثمانينات القرن الماضي وبلداننا بصورة عامة تمر بأزمات اقتصادية متتالية، والبطالة في تزايد مستمر، وهي تتراوح بين 15 في المئة "كما هي حال البحرين" و30 في المئة كما هي حال كثير من البلدان الكبرى التي كان بإمكانها أن تكون قائدة للمنطقة اقتصاديا وسياسيا، وإذا بها تتحول إلى بلاد يعيش فيها أغنى أغنياء العالم "أقلية"، ويعيش فيها أفقر فقراء العالم "أكثرية"... وبين الاقلية والأكثرية صراع مرير يتم إخماده بالقوة والتسلط، ولكنه سرعان ما يعود لأن مسببات انفجاره قائمة.
مناسبة حديثي اعلاه هو ما سمعته من تأسف أحدهم بأن البحرين بدأت خطوات صغيرة على طريق الإصلاح، وان ذلك شجع على الانتقاد "وتوجيع رأس" بعض اصحاب النفوذ، وكأنه يقول يا ليتنا نعود إلى ما كنا عليه. والحقيقة ان هذه الحسرة تعبر عن جهل يعشعش في اذهان البعض الذين يعتقدون أن العيش بكرامة أمر محرم على بلداننا وأهلها
إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"العدد 863 - السبت 15 يناير 2005م الموافق 04 ذي الحجة 1425هـ
اخترعت الطابعة في عهد الخلافة العباسية
نعم تحديدا في سمرقند حوالي القرن الثامن او التاسع ميلادي بعد تعلم صناعة الورق من الاسيرين الصينيين و انتشر العلم و عاشت الامة الإسلامية عصرا من الازدهار قبل ان تعرف المانيا او اوروبا الورق فضلا عن المطبعة ولكنها سنة الله ياعزيزي تمت عندما تنمروا و انزلوا رؤسهم للحضارات الكفرية و انظمتها مثل ما تحاول انت فعله لكن ليس بشجاعة كافية